الوقت ينفد في "الربيع المصري"...والدول المانحة بحاجة إلى تنسيق المساعدات كيف يمكن قراءة المشهد الراهن في بلدان "الربيع العربي"؟ وهل بات على المجلس العسكري الحاكم في مصر الاهتمام بجيل الشباب؟ وماذا عن تنسيق المساعدات التي تقدمها الدول المانحة؟ وإلى أي مدى يمكن الخوف من التقارير الأممية الصادرة عن الكونجو؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. "الوقت ينفد" في افتتاحيتها ليوم أمس، وتحت عنوان "نفد الوقت أمام جنرالات مصر"، أشارت "سيدني مورنينج هيرالد" الأسترالية إلى أن "الربيع العربي" يتحرك نحو شتاء متوتر. أمس بدأت الانتخابات البرلمانية في مصر- في خطوة نحو ديمقراطية حقيقية في أكبر بلد عربي- لكنها جاءت مسبوقة بشكوك ومخاوف. وفي سوريا تحولت الحركة الاحتجاجية إلى عمل مسلح، بعدما فشل نظام الأسد في الاستجابة ومارس قمعاً أودى بحياة 3500 شخص. وفي ليبيا ما بعد القذافي، سلك المسلحون طريقهم نحو إدارة انتقالية يحاولون فيها بناء حكومة جديدة. وفي اليمن، اعتُبر رحيل رئيس حكم البلاد لمدة 33 عاماً تغييراً تجميلياً، حيث تتواصل الاحتجاجات. وتقول الصحيفة: لا يتعين علينا التشاؤم أو تبني رؤى متشائمة، كتلك التي أفصح عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي، كونه يرى أن المنطقة العربية برمتها ستصبح في قبضة الشعبويين الإسلاميين. صحيح أن لدى إسرائيل أسباباً للخوف مما قد يحدث في حال تنحى الجيش المصري جانباً، حاملاً معه اتفاقيات السلام والتعاون الأمني التي تم إبرامها خلال عهدي السادات ومبارك الرئيسين المصريين اللذين كانا مدعومين من الجيش. وترى الصحيفة أن جماعة "الإخوان المسلمين" في مصر ربما فقدت كثيراً من التأييد الشعبي، بسبب ابتعادها عن المتظاهرين المعارضين للمجلس العسكري الحاكم، خاصة خلال الأيام العشرة الأخيرة. وتتنبأ الصحيفة، بأن "الإخوان" ربما يبلون بلاء حسناً، في الانتخابات البرلمانية التي بدأت أمس، ليصحبوا بعدها شركاء للجيش. وتوجه الصحيفة اللوم لقيادة المجلس العسكري، بسبب ما تقول إنه استخدام للذخيرة الحية ضد المتظاهرين، وتضيف أن قليلين من يثقون في قيام المجلس بالإصلاحات السياسية، وإلى أن تنتهي المرحلة الانتقالية، سيقود كمال الجنزوري إدارة انتقالية لتسيير أمور البلاد من الآن وحتى انتخاب رئيس جديد لمصر. وفي ظل هكذا ظروف، ترى الصحيفة أن الولايات المتحدة كانت على حق، عندما طالبت رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، بتسليم السلطة لمجلس مدني في أقرب وقت ممكن. وضمن هذا الإطار، أشارت الصحيفة إلى أن مصر لديها عدد من الشخصيات التي تتمتع بتأييد شعبي كافٍ يضمن عودة الهدوء إلى المدن ويعيد النشاط الاقتصادي إلى سابق عهده. لقد شهدت المنطقة برمتها العواقب المترتبة على رفض القيادات والأنظمة الاعتراف بأن وقتها قد انتهى. جيل جديد من جانبها تفاعلت "أساهي تشيمبيون" اليابانية مع التطورات المصرية، وذلك ضمن افتتاحية يوم الأربعاء الماضي عنونتها بـ" في مصر: الشباب مفتاح التقدم". وحسب الصحيفة، فإن الصراع بين قوات الأمن والمتظاهرين في ميدان التحرير الذي احتدم خلال لأيام الأخيرة، يبرز التحديات الصعبة التي تواجه "الربيع العربي". الشباب الذين تجمعوا في ميدان "التحرير"، أبدوا استياءهم من الجيش الذي تسلم السلطة منذ تسعة أشهر، كما أن الحكومة الانتقالية التي عينها المجلس العسكري الحاكم، طلبت من جميع القوى السياسية -قبيل الانتخابات الجارية الآن- الموافقة على مبادئ أساسية للدستور تستثني ميزانية الجيش من الرقابة المدنية، وبات واضحاً أن الجيش يحاول الحفاظ على مزاياه. ولا يزال شباب "التحرير" مستائين من حقيقة مفادها أنه لا يزال كبار المسؤولين السابقين ممن كانوا في نظام مبارك يشغلون مناصب حكومية، كما أن بعض كبار ضباط الشرطة ممن تورطوا في قمع المواطنين ظلوا في مناصبهم ولم يخضعوا للمحاسبة على ما ارتكبوه من انتهاكات. ونوهت الصحيفة الى أن من يقود الثورة هم أبناء جيل جديد مسلح بالإنترنت وبالقدرة على التواصل عبر الهواتف النقالة، لذا ترى الصحيفة أن القادة العسكريين الذين يحكمون مصر الآن بحاجة إلى فهم أن عملية الدمقرطة من أعلى من دون الانخراط مع هؤلاء الشباب البناء هذا الجيل لن تضع حلاً لغضب الشباب، وأن الاستمرار في تجاهلهم يحمل مخاطر منها زيادة الاستثناء والاضطراب في المجتمع المصري. تنسيق المساعدات تحت عنوان "منتدى حول المساعدات التنموية"، نشرت "كوريا هيرالد" يوم الأحد الماضي افتتاحية استهلتها بالقول إن كوريا التحقت في نوفمبر 2009 بلجنة المساعدات التنموية بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لتصبح بذلك أول دولة في تاريخ المنظمة تتحول من متلقي للمساعدات إلى مانحٍ لها. الآن كوريا تحاول توظيف عضويتها في تلك اللجنة، لوضع إطار جديد للتعاون في مجال التنمية ونقل خبرتها في تحقيق النمو الاقتصادي. وضمن هذا الإطار، ومنذ أمس على مدار ثلاثة أيام، تستضيف مدينة "بوسان" الكورية الجنوبية مؤتمراً حول "فعالية المساعدات"، يشارك فيه قرابة 2000 شخص من بينهم وزراء من كافة أرجاء المعمورة، وقيادات تعمل في منظمات دولية وممثلون للقطاع الخاص. وحسب الصحيفة يشترك في المؤتمر كل من أمين عام الأمم المتحدة، ووزيرة الخارجية الأميركية ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير. المؤتمر هو الرابع من نوعه، حيث انعقد الأول في روما عام 2003، والثاني في باريس عام 2005 والثالث في أكرا عاصمة غانا عام 2008. مؤتمر "بيسان" لا يناقش فعالية المساعدات فقط، بل فعالية التنمية، والمشاركون فيه يناقشون الآن مخططاً جديداً للتنمية قائماً على تحسين طريقة التعامل مع أموال المساعدات. ومحور المؤتمر يتمثل في إبرام شراكة عالمية من أجل تعاون تنموي فاعل، ولتعزيز فعالية التنمية، فإن التعاون الوثيق بين الدول المانحة لا يقل أهمية عن الحوار بين المانحين والمتلقين. ويبدو أن هذا الحوار بات مهماً بسبب وجود دول مانحة ليست أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فثمة دول دخلت مرحلة اقتصاد التصنيع كالصين والبرازيل والهند وروسيا وجنوب أفريقيا، فهذه الدول أعادت تشكيل إطار التنمية العالمية، كونها تضع أجندة تراعي من خلالها قوتها وثروتها ونفوذها على الصعيد العالمي. تلك الدول فتحت طرقاً جديدة للتعاون في مجال التنمية من خلال مساعدة الدول الفقيرة ببرامج خاصة للمعونات، وهذا يشير مجدداً إلى أهمية التعاون بين دول الجنوب كحافز للنمو لدى الدول الفقيرة. وتتنبأ الصحيفة بتنامي دور الدول المانحة، التي لا تتمتع بعضوية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، خاصة أن دولاً أوروبية قللت من مساعداتها الخارجية جراء الأزمة المالية. لكن ظهور المانحين الجدد قد يسبب مشكلات تحول دون تنسيق المساعدات، مما قد يسفر عن منافسة بين البلدان المانحة. ثمة حاجة إلى تحقيق التجانس في تقديم المساعدات، لاسيما في ظل وجود منظمات غير حكومية ومؤسسات خاصة مانحة كمؤسسة "بيل وميلنداجيتس". مؤتمر بيسان يطمح إلى تعزيز الشراكة في مجتمع دولي تعددت فيها المؤسسات والجهات المانحة. أرقام مخيفة طرحت "كوني سميث" أرقاماً مخيفة في مقالها المنشور بـ"تورونتو ستار" الكندية أول من أمس. الكاتبة، وهي أخصائية صحية تعمل في جمهورية الكونغو الديمقراطية ضمن مؤسسة "وورلد فيجن" المعنية بالمساعدات الإنسانية، أشارت إلى أن أكثر من خمسة ملايين شخص لقوا مصرعهم في الكونجو خلال حربين أهليتين نصف هذا العدد من الأطفال، كما أن هذا البلد يأتي في ذيل قائمة التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة. وثمة وجود مليونين من ضحايا الاغتصاب بمعدل عملية اغتصاب كل دقيقة. الكاتبة تقول إن الحياة تبدو صعبة بالنسبة لمزارعي الكونجو ممن يتعذر عليهم الذهاب لحقولهم بسبب العنف، وعندما ينتهوا من جني محاصيلهم يظهر أمامهم من يسرق الحصاد تحت تهديد بنادق الكلاشنكوف، وفي هذه الحالة يتعذر على الفلاحين توفير الغذاء لأبنائهم. إعداد: طه حسيب