تكمل دولتنا في الثاني من ديسمبر أربعين عاماً منذ تأسيسها في مسيرة اختصرت الزمن وتجاوزت من سبقها بفضل جهود الآباء المؤسسين وعلى رأسهم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مهندس وقائد سفينة اتحاد الإمارات، الذي مضى به طوال سنوات حكمه الرشيد لبر الأمان محققاً إنجازات فريدة لم تشهد مثيلاً لها المجتمعات المعاصرة. ويكمل المسيرة لمرحلة التمكين صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، فهو ربان تتلمذ على يد القائد المؤسس، ويواصل مسيرة البناء والتقدم. ومن المظاهر التي تدخل البهجة في النفس وتجلب السعادة والتفاؤل رؤية هذا الزخم الاحتفالي الكبير في أرجاء الوطن كافة بمناسبة اليوم الوطني الأربعين لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد انطلقت الاحتفالات في مدن الإمارات وقراها كافة وفي البيوت والمدارس والجامعات والشوارع وحتى جهات العمل، للتأكيد على أن رباط الاتحاد الذي يربط بين أبناء الوطن هو من أقدس الوشائج التي تترسخ مع الأيام وتتعمق في نفوس أبناء الوطن وهم يتذكرون جهود الآباء المؤسسين الذين وحدوا صفوفهم ونبذوا خلافاتهم وتعاهدوا على رفعة الوطن وشعبه. إن نسبة كبيرة من سكان الدولة المواطنين ولدوا في عهد الاتحاد، وبعد أن حبا الله هذه البلاد بخيرات النفط، وحصلوا منذ الولادة على خدمات الرعاية الطبية، وتوافرت لهم فرص التعليم منذ نعومة الأظافر.. وقد نشأ هذا الجيل وكله فخر بأنه ينتمي إلى التجربة الاتحادية الأنجح ليس فقط في الوطن العربي، بل وفي العالم المعاصر. وهذا الجيل على رغم أنه لم يدرك الماضي قبل الاتحاد وقبل تدفق الخير على البلاد، إلا أنه لم يتنكر لماضيه، بل تعلم من تجارب وخبرات السابقين أن الوطن يحتاج لسواعد أبنائه المخلصين، حتى ينجز تقدمه ورفعته. واليوم، فإن أبناء الوطن الذين ولدوا بعد الاتحاد من جيل السبعينيات والثمانينيات، هم الآن في عمر الشباب وقمة العطاء والبذل من أجل رد الجميل للوطن.. هم ثمرة الاتحاد الذين يخدمون وطنهم في المجالات كافة سواء في الجانب المدني أو العسكري، أو العمل الحكومي أو الحر والخاص. لا ينبغي التعامل مع اليوم الوطني لدولة الإمارات في إطاره الاحتفالي فحسب، وإنما يجب أن يكون هذا الحدث التاريخي مناسبة لترسيخ قيم المواطنة الصالحة بين أفراد المجتمع، وتعزيز التلاحم المجتمعي والعمل على المحافظة على منجزات الاتحاد ومكتسباته. والمقصود بالمواطنة الصالحة أن يعتبر كل فرد من أفراد المجتمع نفسه مسؤولاً عن تحقيق مصلحة الوطن ورفعته وتقدمه. وأن يقدم كل في مجال تخصصه وعمله، ويعي واقع ظروف مجتمعه والتحديات التي تحيط به. فعلى الطالب أن يجتهد في تحصيل العلم والمعرفة، وأن يختار التخصص في المجال الذي يتوافق مع رغباته ويستطيع أيضاً أن يبدع فيه. وعلى الموظف أن يجتهد في عمله ويحرص على أداء واجباته ومسؤولياته على أكمل وجه. ويتعين على كل فرد من أفراد الوطن أن يكيف سلوكه وممارساته لما فيه مصلحة الوطن ودعم لمكتسباته، والمحافظة على المال العام، والانقياد للقوانين، والمحافظة على البيئة، وترشيد استهلاك المياه والطاقة، وغير ذلك من السلوك الإيجابي. حمى الله دولة الإمارات قيادة وشعباً من كل مكروه وحفظها من كل سوء وحقق لها ما تصبو إليه من عزة ومنعة ورفعة.