خلال الخمسين سنة القادمة ستمر أمم الأرض بتغييرات كبرى على صعد المجتمع والاقتصاد والتكنولوجيا، وينحسر ذلك أيضاً على مصادر الطاقة المستخدمة، فبدلاً من المصادر الأحفورية وهي النفط والغاز والفحم الحجري التي تقابل احتياجات البشرية من الطاقة، وتحدد عناصر محورية من حضارة البشر المعاصرة سيتم استخدام مصادر للطاقة المتجددة ذات مستويات أعلى من النظافة تساعد على حماية البيئة. المصادر الجديدة للطاقة ستسيطر على كافة المناشط البشرية التي تحتاج إلى الطاقة لكي تعمل. سيشهد العالم وسائل نقل لا تخرج الكربون، وسيتم استخدام الطاقة الشمسية والطواحين الهوائية في الصناعة والإنارة والتدفئة التي ستحل بديلاً عن البترول والديزل والمصافي النفطية. وربما تقوم مضخات تزويد وقود البترول الحالية بتزويد البشر بالوقود البيولوجي والهيدروجين كوقود لمركبات النقل وقد يزيد استخدام وسائل النقل العامة الجماعي، ويتم تبريد وتدفئة وإنارة المنازل والمدارس وتشغيل المصانع والمكاتب بوسائل طاقة قليلة التكلفة ما أمكن ذلك. ومن موقع الإمارات المتقدم اليوم كمنتج للطاقة الأحفورية، تشاطر العالم أجمع في مواجهة هم حماية البيئة العالمية وتوفير الطاقة النظيفة معقولة الثمن لكافة بني البشر دون استثناء، يمكن تصور ما يمكن أن يكون عليه العالم في منتصف القرن الحادي والعشرين وما بعد ذلك واستشراف تطوير مصادر بديلة للطاقة من شأنها أن تغير حياة البشر على مدى المستقبل، لكن ربما أن الإمارات بدأت هذا المشوار المتقدم والمعقد باستضافتها للمقر الرئيسي للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا). ما هو أقل وضوحاً هو التساؤل الخاص بكيف يمكن للبشرية الوصول من الحالة التي هي عليها الآن بالنسبة لمصادر الطاقة إلى الحالة التي تنشدها وتتمنى الوصول إليها. الهدف من المساعي التي تبذلها البشرية هو إيجاد مصادر بديلة ونظيفة للطاقة تؤدي في نهاية المطاف إلى أن يصبح الاقتصاد العالمي ونظم المواصلات، وقد أعيدت هيكلتها وفقاً لخطوط جديدة، وأن تكون البشرية قد كيَّفت حالها للتعايش مع طرق جديدة أكثر استجابة مع متطلبات البيئة. لكن الانتقال من نظام الطاقة المستخدم الآن إلى نظام جديد يقوم على مصادر متجددة سيكون مصحوباً بالمخاطر والمشاكل وذلك على ضوء كون التمويلات الحالية ستسير نمو التناقص وإيجاد مصادر بديلة لها تبدو غير كفؤة لكي تصنع الفارق. لذلك فإن الخوض في هذا التحول العظيم يشكل أصعب التحديات التي تواجه المجتمع البشري في هذا القرن، وهو في الواقع يفرض نفسه كتحد وبقوة على العالم أجمع. ولكن لماذا هو صعب هذا التحدي، ولماذا يفرض نفسه بهذه القوة على البشرية جمعاء؟ للإجابة على هذا التساؤل يمكن القول: أولاً - بأن توفير إمدادات كافية ومعقولة الثمن من الطاقة أمر مهم جداً لدوران عجلة الاقتصاد العالمي. ودون أن تتوافر تلك الإمدادات سيتباطأ الاقتصاد العالمي وسيعاني من مختلف أنواع الفوضى والأمراض والاختلالات. ثانياً: الطاقة مرتبطة باهتمام عالمي آخر يعتبر جديداً على العالم هو التغيرات المناخية السلبية الحاصلة الآن بسبب الغازات المنبثقة من عوادم المصانع والسيارات التي تعتبر مسؤولة عن زيادة حرارة الأرض واتساع ثقب الأوزون. والسبب الرئيسي لما يحدث هو استخدام مصادر الوقود الأحفوري. الحل هو تخفيض استخدام النفط والغاز والفحم، لكن ذلك يحتاج إلى الإسراع في إيجاد مصادر طاقة بديلة نظيفة، وهذا أمر يحتاج إلى وقت طويل وأموال طائلة لكي يتحقق. ثالثاً: السعي للحصول على مصادر الطاقة التقليدية من شأنه أن يولد صراعات جيوبوليتيكية بين القوى الكبرى. لذلك فإن المحاذير الثلاثة هذه مرتبطة مباشرة بطبيعة مصادر الطاقة المتواجدة حالياً. وهنا تكمن المشكلة الحقيقية لأن أنواع مصادرالطاقة التي يعتمد عليها العالم حالياً ليست صديقة للبيئة، لذلك كلما زادت الكميات المستخرجة منها كلما أضر ذلك بالمناخ والبيئة العالمية وزادت المشاكل الجيوبوليتيكية بين الأمم المختلفة.