ثورة مصرية غير محسومة... ومخاوف من حروب بالوكالة في الصومال مآلات التغيير المعلقة في مصر، وإلى أي مدى تمت الإطاحة بالديكتاتورية في هذا البلد؟ وماذا عن واقع الإسلام السياسي قبيل الانتخابات البرلمانية المصرية؟ ومحاذير اللجوء لحروب بالوكالة لمواجهة التطرف وهيمنة الإسلاميين في الصومال...موضوعات وتساؤلات نسلط عليها الضوء، ضمن قراءة موجزة في الصحافة الأميركية. نحو حكم مدني تحت عنوان "ثورة مصر غير المحسومة"، نشرت "نيويورك تايمز" يوم الأربعاء الماضي افتتاحية استهلتها بالقول إن أكثر من 100 ألف مصري لم يخاطروا بأرواحهم في شتاء العام الماضي كي يروا استبداداً جديداً مدعوماً من العسكر. القادة العسكريون الذين يفترض أنهم يديرون البلاد حتى يتم تسليم الأمور لسلطة مدنية منتخبة، قد استغلوا الأشهر التسعة الماضية في حماية سلطتهم، ومحاولة تقييد التغيير الديمقراطي. وتقول الصحيفة: لقد فاض الكيل بالمصريين وعادوا مرة أخرى إلى التحرير، مطالبين بديمقراطية حقيقية، حيث لقي 38 شخصاً مصرعهم وجرح المئات وألقي القبض على العشرات. وحسب الصحيفة، فإن الجيش وضع نظاماً بموجبه يتم انتخاب رئيس جديد للبلاد بحلول 2013، وفي يوم الثلاثاء الماضي، طرح الجنرالات موعداً للانتخابات الرئاسية في يونيو المقبل، وهذا من شأنه جعل الجيش يهيمن على السلطة حتى منتصف العام المقبل، وهو ما تراه الصحيفة فترة طويلة للغاية. للولايات المتحدة مصلحة واضحة في استقرار مصر، سواء لجهة السلام مع إسرائيل أو ما يتعلق بالجوار العربي. وحسب الصحيفة تحصل مصر على معونات أميركية سنوية قيمتها نحو ملياري دولار يحصل الجيش المصري عليها، ومن ثم ترى الصحيفة أن بإمكان واشنطن الضغط على الجيش في اتجاه تحقيق تسليم سهل للسلطة وانتقال سلس نحو الديمقراطية. الانتخابات البرلمانية يفترض عقدها في 28 نوفمبر الجاري، وفي ظل التظاهرات سيكون من الصعب إجراء انتخابات حرة ونزيهة، لكن آخر شيء قد تحتاجه مصر هو تأجيل الانتخابات. ومن ثم ينبغي إجراء الانتخابات، لكن على المجتمع الدولي التحذير من أن الجيش سيدفع ثمناً باهظاً إذا ما تم اختطاف نتائج الانتخابات أو إفسادها. لقد عاد المصريون إلى "ميدان التحرير"، لأنهم يطمحون إلى ديمقراطية حقيقية، ويبدو أنهم لن يتنازلوا عنها، ولن يقبلوا بما هو أقل منها. من جانبها نشرت "واشنطن بوست" أول أمس تقريراً لـ"جوبي وايرك" رصد خلاله تصعيد إدارة أوباما لضغوطها على المجلس العسكري الحاكم في مصر، حيث طالبته بتسريع الإصلاحات وكبح جماح قوات الأمن التي تتعرض للوم جراء مقتل عشرات من المصريين خلال الآونة الأخيرة. هذه الضعوط مبعثها مخاوف جديدة من أن التوتر الأمني سيضعف عملية التحول السلمي نحو حكم ديمقراطي في أكبر بلد عربي. البيت الأبيض حث المصريين على إجراء الانتخابات لكنه اعترف بأن تفاقم العنف قد يجد التصويت مستحيلاً. مجموعتان قويتان من جانبها نشرت "كريستيان ساينس مونيتور" يوم الأحد الماضي، افتتاحية علقت خلالها على المشهد المصري الملتهب، مستنتجة أن التظاهرات التي تشهدها القاهرة منذ يوم الجمعة الماضي، تكشف تمسك الجيش و"الإخوان المسلمين" بالهيمنة على الانتخابات المقبلة، والمطلوب سلطة مدنية علمانية لضمان الانتقال إلى الديمقراطية. وتحت عنوان "عن الشغب والحقوق في مصر وما ورائها"، قالت الصحيفة إن الحركات المعنية بالديمقراطية العربية، تظل قوية ومتأصلة، لكن الديمقراطية في حد ذاتها لا تزال جذورها هشة داخل منطقة الشرق الأوسط، والعنف الذي ظهر في مصر خلال الأيام الأخيرة كشف مدى هشاشة الديمقراطية. وعلى حد قول الصحيفة، فإن المصريين قبل تسعة أشهر، أطاحوا بديكتاتور، لكنهم حتى الآن لم يتمكنوا من الإطاحة بالميول الديكتاتورية لمجموعتين قويتين: المجلس العسكري الحاكم الذي يمتلك قوة السلاح، و"الأخوان المسلمين" الذين لديهم سيطرة دينية على الفقراء في الريف. وحول الإسلام السياسي في مصر، وتحت عنوان "الإسلام السياسي على مفترق طرق"، خصص "جيفري فليشمان" تقريره المنشور أمـس بـ"لوس أنجلوس تايمز" ليخرج باستنتاج مفاده أن الأحزاب الإسلامية قد تفوز بنسب كبيرة في الانتخابات البرلمانية بعد غد الاثنين، لكنها لم تعد موحدة، وهذا يطرح تساؤلاً عما إذا كانت مصر تتجه نحو التحول إلى ديمقراطية ملهمة، أم تعود مرة أخرى صوب الديكتاتورية؟ حرب بالوكالة خصص "كريج وايتلوك" تقريره المنشور أمس في "واشنطن بوست" لرصد الدور الأميركي الراهن في القرن الأفريقي، فتحت عنوان "الولايات المتحدة تكثف حربها بالوكالة ضد حركة الشباب الصومالية"، لفت التقرير الانتباه إلى أن إدارة أوباما كثفت حملتها ضد حركة "الشباب" الصومالية" وهي فرع من فروع "القاعدة"، من خلال دعم وتعزيز عدد من القوى، وتوسعت في استخدام طائرات من دون طيار، وعززت شراكتها مع بلدان المنطقة. وحسب التقرير، فإن الدور الأميركي في الصراع الدائر بالصومال يأتي على نقيض دورها في العراق وأفغانستان، حيث إنه أقل تكلفة، ولايظهر منه سوى بصمات محدودة أو حتى خفية للولايات المتحدة. لكن في الوقت الذي انخرط البيت الأبيض في صياغة استراتيجية تصلح كنماذج للتعامل مع البلدان الفاشلة أو المناطق التي ورثت عداءً للوجود الأميركي، فإن استخدام مقاربة غير مباشرة للتعامل مع هذه الدول يحمل في طياته مخاطر من بينها عدم السيطرة على القوة التي تقاتل بالوكالة، كما هو الحال في أوغندا وبورندي والصومال. ويشار أيضاً إلى أن الولايات المتحدة أنفقت منذ عام 2007 ما يزيد على 500 مليون دولار على تدريب وتجهيز قوات من بلدان شرق أفريقيا، كي تكون قادرة على محاربة الإرهاب وجلب الاستقرار في الصومال. على سبيل المثال، أرسلت كينيا الشهر الماضي آلافاً من قواتها إلي الصومال لمحاربة ميليشيا "الشباب"، وذلك على الرغم من مخاوف تتمثل في نتائج عكسية قد يسفر عنها وجود القوات الكينية في الصومال، ما يفاقم مشكلة هذا الأخير الذي يعاني حرباً أهلية مر عليها عقدان. وضمن الإطار نفسه، ثمة تقارير مفادها أن إثيوبيا أرسلت عدداً أقل من قواتها إلى الصومال، لكن الحكومة الإثيوبية أنكرت، ذلك، لكنها اعترفت بأنها تضع في اعتبارها تدخلاً عسكرياً في الصومال. هذا الأمر يعيد إلى الأذهان، الذكريات الأليمة للغزو الإثيوبي للصومال عام 2006، والذي كان مدعوماً بقوات واستخبارات أميركية. وكان من المفترض أن تستخدم هذه القوات الدعم الجوي الأميركي في الإطاحة بالحركة الأصولية المسيطرة على مقديشيو، لكن القوات الإثيوبية انسحبت بعد هجمات من عناصر تمرد صومالية. وينتقد "جوني كارسون" مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية الدور العسكري الأميركي المتمثل في حروب الوكالة قائلاً: (هذا المجهود لم يكن ناجحاً، بل إنه قاد في الحقيقة إلى صعود حركة "الشباب" خاصة بعد انسحاب القوات الإثيوبية). بورما و"النووي" نقل "ويليام وان" في تقريره المنشور أمس في "واشنطن بوست" معلومات وردت إلى لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي تعود إلى خمس سنوات، مفادها أن الحكومة البورمية نوت تطوير أسلحة نووية عبر الحصول على مساعدة من كوريا الشمالية. الصحيفة نقلت هذه المعلومة من تصريح للسيناتور "ريتشارد لوجار". وحسب التقرير حصلت اللجنة المذكورة على المعلومة قبل خمس سنوات لكن لم تفصح عنها للإعلام. هذا التصريح يأتي قبيل زيارة وزيرة الخارجية الأميركية إلى بورما هذا البلد الديكتاتوري المعزول في خطوة هي الأولى من نوعها منذ نصف قرن لمسؤول أميركي بهذه الدرجة الرفيعة. لوجار حاول إلقاء الضوء على هذه المسألة ليتأكد من أنها ستكون مطروحة على طاولة الحوار بين هيلاري كلينتون والحكومة البورمية. إعداد: طه حسيب