صرح وزير الدفاع الكندي عقب انتهاء اجتماع لحلف الأطلسي (الناتو)، استمر لثلاثة أيام في مدينة هلفاكس الكندية، بأن "الحكومة الكندية مستعدة للمساعدة في أي عمليات يقررها مجلس الأمن لحماية المدنيين السوريين الذين يواجهون العنف والقتل والإرهاب من سلطة الرئيس الأسد بشكل غير إنساني". وأعلن الوزير الكندي أن بلاده أبلغت حلفاءها بأنها "جاهزة ومستعدة للانضمام للتحالف الدولي لحماية المدنيين السوريين". ثم استطرد الوزير معلناً "أن الحكومة الكندية قررت تمديد فترة بقاء السفن الحربية الكندية التي ساهمت في عملية ليبيا، إلى العام 2012، لأنه من المهم أن يكون هناك وجود كندي قوي وفعّال فيما تؤكد التقارير الاستخبارية والتحليلات السياسية أن المنطقة مقبلة على مرحلة حرجة ستهدد السلم والاستقرار الدوليين". وعندما سئل عما إذا كانت كندا ستقوم بعملية حظر للطيران السوري كما فعلت مع نظام القذافي السابق، أجاب أن لكل عملية ظروفها وأدواتها، وأن ذلك القرار متروك للقادة العسكريين. لكن الجنرال شارلس بوشارد، قائد عملية الناتو في ليبيا، كان قد صرح بأن "وضع سوريا مغاير للوضع الليبي سابقاً، فسوريا في الشرق الأوسط لها تأييد إقليمي". وأفادت التسريبات الإخبارية عن اجتماع هلفاكس الأمني، بأن الموضوع الرئيسي في أجندة الاجتماع كان الشرق الأوسط ككل، وفي صدارته سوريا، وأن الموضوع السوري كان الشغل الشاغل لقادة الحلف، انطلاقاً من الإحساس بأن الأسد لن يتنازل للضغط الأجنبي ولن يتنحى، كما صرح هو نفسه لجريدة "الصن تايمز" يوم السبت الماضي. ويبقى السؤال: إلى أين تسير سوريا؟ في رأي وزير خارجية روسيا، بعد حادثة هجوم المعارضة على مقرين للاستخبارات والحزب الحاكم، وما عقب ذلك من عمليات للقوات الحكومية، فإن سوريا "قد ستنزلق إلى حرب أهلية، وعلى المسؤولين السوريين إعادة النظر في سياساتهم، لتفادي الحرب الداخلية". والخطر الأكبر هو الانقسام الذي يهدد القوات المسلحة السورية، إذ ثمة مؤشرات على "تمرد عدد من الضباط والجنود" الذين يبدو أنهم شكلوا جيشاً أصبح له قيادة ومركز عمليات، ويجد دعماً خفياً من بعض الدول المجاورة. والتاريخ الحديث يعلمنا أن انقسام القوات المسلحة في أي بلد هو بداية سيئة تقود إلى نتائج أسوأ. وفيما نحن مشغولون بالموضوع السوري، جاءت أخبار من مصر تزيد هموم ومخاوف الأمة... فما جرى في القاهرة ومدن مصرية أخرى، وكانت محصلته عشرات القتلى ومئات الجرحى، أمر يثير الخشية من تحول الربيع المصري إلى صراع دموي بين المجلس العسكري الحاكم والقوى السياسية المدنية. فكثير من هذه القوى أعربت عن فقدانها الثقة في المجلس، وطالبته بتسليم السلطة إلى حكومة إجماع وطني مدنية لإجراء الانتخابات المقررة هذا الأسبوع. وعودة الجماهير إلى الميادين والمواجهات الدامية مع السلطة، عملية لا تبشر بخير، حيث يبدو الرأي السائد وسط المواطنين المصريين أن "العسكر يلعبون لعبة غير نظيفة" وهدفهم بقاء الجيش في الحكم استمراراً لنظام الرئيس المخلوع مبارك. إن الموقفين في سوريا ومصر غير مطمئنين أبداً، والحلم بالربيع وبتغيير سلمي يقود إلى الديموقراطية والعدل والوحدة الوطنية... أصبح في نظر الكثيرين مهدداً بردة لا يعلم نتائجها سوى الله. والشامتون في العرب وقدرتهم على إحداث التغيير السلمي المطلوب وبناء أنظمة ديموقراطية حديثة تواجه متطلبات العصر، كثرون هذه الأيام. عبدالله عبيد حسن