في الثلث الأخير من نوفمبر 2011 احتدمت الساحة العربية بغليان مخيف، بين اعتقال سيف القذافي، وترنح صالح في اليمن، وقفز "النهضة" في تونس إلى الواجهة، وغليان في مصر حول دور العسكر في الحياة السياسية، وتحرك الانتخابات في المغرب، وظهور "مشعل" الفلسطيني بصفقة تُظهر مجدداً مأساة العالم العربي، وتفاقم الانشقاقات في الجيش السوري، وتزايد الحديث عن التدخل الدولي بعد أن تزايد عدد القتلى واشتد النزيف وثار السؤال: هل سيكون مصير سوريا والأسد مثل القذافي وابنه سيف؟ هذا ما كان من أخبار العرب، بقي علينا أن نلتفت لنعرف أخبار العجم وبني صهيون، فقد نشرت مجلة "دير شبيجل" الألمانية (7 نوفمبر 2011) بحثاً موسعاً عن شخصية رجل غامض هو "ماير داجان" رئيس "الموساد" السابق المشهور بأنه أكثر رجل صامت في إسرائيل، فهو بئر لانهاية لقعره! هذا الرجل المتكتم الصموت هو أكثر الرجال حديثاً وثرثرة اليوم في دولة بني صهيون. وتصفه المجلة بأنه من أشد الناس تطرفاً، على طاولته صورة جده راكعاً أمام ضابط نازي يجهز عليه، وقد أقسم أن لا تتكرر قصة المحرقة، ووضع بين أسنانه شفرة حادة يقطع بها رقبة أي عربي معارض، يقبض بيد على قنبلة وفي اليد الأخرى يخنق خصمه. لا يختلف عن نتنياهو في تطرفه سوى أنه يحب شن حرب خفية موازية تعطل صناعة السلاح النووي الإيراني تدريجياً. وهو يخشى على الدولة العبرية من الانهيار لو ارتكب جناح باراك ونتنياهو حماقة الهجوم على دولة بني الفرس. يقول داجان: هناك الكثير من الخطط شبه الحربية التي تعيق إيران عن الوصول إلى هدفها في تصنيع أول قنبلة نووية فارسية، لكن الفرس يخططون لصنمهم النووي. يقول حزب العجلة في دولة بني صهيون إن بين الفرس وقنبلتهم مسافة أقل من سنة، أما الأميركيون فيحسبونها بمسافة 18 شهراً على أبعد تقدير، ولذا فقد وجب الهجوم! والسؤال: لو وصل الفرس إلى صناعة صنمهم النووي، كما فعل الباكستانيون، هل سيحصل شيء أم ستزداد الأصنام النووية صنماً جديداً؟ الكل يعلم أنه صنم لا يضر ولا ينفع ولا يملك موتاً ولا حياة ولا نصراً ولا نوراً أو نشوراً! داجان، رأس الاستخبارات، أرسل لهم من قبل فرق موت لقتل العلماء، وبرنامج فيروس "ستكس -نت" للفتك ببرنامجهم، وحاول تعطيل مشروعهم بوسائل خفية أخرى. فقط لا هجوم مباشر على إيران بالطيران لأن هذا قد يستدعي رداً صاروخياً إيرانياً على دولة بني صهيون، مما سيحدث خسائر في الأرواح وقد يشعل حرباً إقليميةً؟ يرى داجان أن مثل هذه القرارات الحمقاء المتعجلة ستؤثر في مصير أجيال الصهيونية في "أرض الميعاد". هل ستضرب إسرائيل إيران بالصعقة كما فعلت مع العراق وسوريا بدون أن يحصل أي ارتكاس، أم أن الفرس يتصرفون -خلافاً للعرب- بإتقان صناعة السجاد والصواريخ والجاسوسية! لا أحد يعلم يقيناً، لكن الأكيد أن الأصنام النووية تشبه صنم عمر ابن الخطاب حين جاع فأكله، وكان من التمر، ثم رجع إلى نفسه فقال: مثل هذا لا يعبد. وكذلك عبادة الأصنام النووية، فهي أسلحة ليست للاستخدام، ولو تصادف أن ضربت دولة أخرى، فسوف يحترق كامل الغطاء الأرضي، فترسل السماء بشواظ من نار ونحاس فلا تنتصران.