شكوك حول التغيير في مصر ...وأوروبا أمام "سؤال كبير" ما الذي يتعين على واشنطن فعله لمساعدة المصريين على الانتقال نحو الديمقراطية؟ وكيف أصبح مستقبل أوروبا على مفترق طرق؟ وماذا عن السؤال المحوري الذي ينبغي على شعوب القارة العجوز الإجابة عليه؟ ولماذا تتحفظ البلدان المانحة على تقديم التمويل لإعادة تدشين الجيش في هايتي؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء، ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. "الانتخابات المصرية" بهذه العبارة عنونت "نيويورك تايمز" افتتاحيتها يوم الثلاثاء الماضي، مشيرة إلى أن المصريين يستعدون للخطوة التالية في "ربيعهم العربي" وهي اختيار حكومة ديمقراطية منتخبة. صحيح أن الانتخابات التونسية التي أجريت الشهر الماضي مرت بسلاسة، لكن لا توجد مؤشرات في مصر على أن انتخاباتها ستكون سهلة. الصحيفة تقول إن الجيش الذي لا يزال يدير الأمور في البلاد يبدو أنه أكثر اهتماماً بحماية سلطته أكثر من الترويج لتغيير ديمقراطي حقيقي. وحسب الصحيفة، فإن الولايات المتحدة التي تقدم مساعدات عسكرية سنوية لمصر بقيمة 1.3 مليار دولار، تستطيع فعل شىء تجاه التغيير في مصر، فإدارة أوباما ترغب في أن يُبقي الجنرالات المصريون على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل الموقعة عام 1979، لكن يتعين على هذه الإدارة دفعهم نحو ضمان إجراء انتخابات حرة وأن يلتزموا بتاريخ محدد لتسليم السلطة. التصويت في الانتخابات البرلمانية سيبدأ في 28 نوفمبر الجاري، لكن تسيير الانتخابات على جولات تستغرق ثلاثة أشهر سيربك العملية الانتخابية، وبعد انتخاب البرلمان الجديد، سيتم اختيار مجلس لكتابة دستور جديد وإجراء استفتاء عليه، ثم انتخاب رئيس للبلاد. هذه الخطوات ستجعل الجيش مستمراً في السلطة لمدة عام آخر أو أكثر... الصحيفة نوهت إلى أن الجنرالات المصريين أثاروا شكوكاً بعدما رفضوا تخصيص واشنطن جزءا من المساعدة العسكرية السنوية من أجل تدريب الناشطين السياسيين والقائمين على تنظيم الانتخابات، كما طرحوا مطالب من بينها ألا يتطرق الدستور الجديد لميزانية الجيش أو أن تخضع هذه الميزانية لمراقبة البرلمان، لكن بعض رفض شعبي رأى الجنرالات أنه يمكن تعديل هذه المطالب. كما أن الجيش لم يلغ حتى الآن قانون الطوارئ. الصحيفة تقول لقد منحت الولايات المتحدة مصر خلال العقود الثلاثة الماضية 60 مليار دولار، معظمها مساعدات عسكرية، وهذه المعونات ينبغي هيكلتها في المستقبل لتتلاءم مع الاحتياجات الخاصة بتعزيز الديمقراطية البازغة في هذا البلد. ويتعين على الكونجرس الأميركي، الموافقة على منح مصر مليار دولار وتوجيهها نحو المشروعات التي يستفيد منها المدنيون. لقد أبدى المصريون شجاعة عندما أطاحوا بالنظام السابق، والآن باتت المسؤولية ملقاة على كاهلهم، كي يضمنوا- في ظل وجود دعم دولي- تحولاً ديمقراطياً في بلادهم. وضمن هذا الإطار عليهم اختيار برلمان يسيطر عليه المدنيون ويلتزم بالشفافية وحقوق الجميع بمن فيهم الأقليات الدينية والمرأة. بصيص أمل خصصت "واشنطن بوست" افتتاحيتها يوم الخميس الماضي، لرصد تداعيات الأزمة المالية الأوروبية، فتحت عنوان "فرصة أوروبا لطمأنة الأسواق بدأت تخبو"، استنتجت الصحيفة، أن ثمة بصيصاً من الأمل، بدأ يظهر الأسبوع الماضي، بعدما استقال بيرلسكوني من رئاسة وزراء إيطاليا، ليحل محله "ماريو مونتي"، وبعدما استقال رئيس الوزراء اليوناني، ففي هذين البلدين تستطيع الحكومتان الجديدتان اتخاذ إجراءات تقشفية صارمة كتلك التي تطالب بها ألمانيا من أجل تمويل خطط الانقاذ المالي. لكن هذا الأمل بدأ يخبو جراء قلق ناجم عن ضخامة ديون الإيطاليين واليونانيين... العلاج الذي يمكن استخدامه يتمثل في شروع البنك المركزي الأوروبي بشراء الديون الحكومية اليونانية والإيطالية، وأن يلعب دوراً مماثلاً لدور بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي، الذي ضخ تريليونات الدولارات من أجل تخفيف الأزمة المالية الأميركية. أوروبيون أم قوميون؟ من جانبها، نشرت "كريستيان ساينس مونيتور" يوم الثلاثاء الماضي افتتاحية، عنونتها بـ"سؤال أوروبا الكبير"، وفيه توصلت إلى خلاصة مفادها أن جذر أزمة الديون الأوروبية يكمن في تساؤل كبير مؤداه: ما هو نوع الوحدة التي يرغب الأوروبيون في تحقيقها؟ لقد أيقنت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهي الدول الثلاث الأكبر في أوروبا أن القارة باتت على مقربة من مفترق طرق، وضمن هذا الإطار، وصفت المستشارة الألمانية المشهد الأوروبي الراهن بأنه ليس أقل من الساعات الأكثر صعوبة في القارة منذ الحرب العالمية الثانية. لكن هنا، أمر لم يتفق عليه قادة الدول الثلاث ألا وهو كيفية الخروج من الأزمة، الأمر الذي جعل مستقبل أوروبا ككيان اقتصادي وسياسي موضع تساؤل من الجميع.وحسب الصحيفة، فإن فوضى الديون الأوروبية، التي طالت بلداناً أوروبية صغيرة، كالبرتغال وأيرلندا واليونان، أصبحت الآن تهدد إيطاليا، وهل ستصبح العملة الأوروبية الموحدة ضحية في هذه الأزمة؟ بعض الاقتصاديين يخشون من أن تقرر الدول المتعثرة مالياً إلغاء التعامل بالعملة الأوروبية الموحدة، ما قد يسفر عن صدمة كبيرة ليست فقط في أوروبا، بل للنظام المالي العالمي برمته. فثمة رجل أعمال أوروبي يقدم جائزة مالية قدرها 400 ألف دولار أميركي لأي فرد أو مجموعة تبتكر وسيلة آمنة لأي بلد أوروبي كي يترك العملة الموحدة "اليورو". الصحيفة لفتت الانتباه لمسألة مفادها أنه قبل البدء في مواجهة الأزمة المالية الأوروبية، لابد من طرح تساؤلات مهمة أولها: هل شعوب القارة أوروبية أولاً أم قومية وطنية؟ جيش هايتي في افتتاحيتها، ليوم الخميس الماضي، وتحت عنوان "هايتي ليست بحاجة إلى الجيش"، توصلت "لوس أنجلوس تايمز" إلى قناعة تتمثل في أن رئيس هايتي "ميشيل مارتيلي" سيعلن عن خطة لإعادة تشكيل الجيش، لكن آخر شيء تحتاجه هايتي هو خطة كلفتها 25 مليون دولار لإعادة بناء مؤسسة فاشلة. الصحيفة تقول إن هايتي ظلت من دون جيش طوال 15 سنة، كما أن لديها قائمة من الاحتياجات الملحة خاصة بعد الزلزال الدي ضربها عام 2010. لقد تم حل الجيش في 1995 بعد عقود من القمع الوحشي ضد المدنيين، من ضمنها مقتل 3000 مدني أثناء انقلاب 1991 الذي أطاح بالرئيس جان برتراند أرستيد، آنذاك تم إعادة أرستيد للسلطة عن طريق الأميركيين، ليظل فيها مدة أربع سنوات. كما أن جيش هايتي معروف بانتهاكه لحقوق الإنسان، فسجله سيء من هذه الناحية، وليس معروفاً عنه حمايته للشعب. "مارتيللي" يصر على تدشين جيش جديد، وأن هذا الأخير لن يكون مثل سابقه، بل سيكون أشبه بقوة دفاع مدني قادرة على تقديم المساعدة أثناء الكوارث الطبيعية وحماية الأمن العام. هذا لكلام يبدو عظيماً، لكن رئيس هايتي لم يضع إطاراً لضمان منع الجيش الجديد من ارتكاب انتهاكات، والحيلولة دون عودة الجنود المتورطين في أعمال عنف سابقة إلى صفوف الجيش مرة أخرى. حتى الآن لم يفعل "مارتيللي" شيئاً لطمأنة الدول المانحة، التي قالت إنها لن تمول الجيش المرتقب، علماً بأن المساعدات الخارجية تشكل ما نسبته 70 في المئة من ميزانية هايتي. "مارتيللي" قال إنه ليس بحاجة إلى الدعم الدولي، وسيستقطع 5 في المئة من ميزانية جميع الوزارات، لكن هذا ليس كرماً منه، لأن الوزارات تتلقى دعماً من الخارج، ناهيك عن أن ذلك سيسفر عن استقطاعات من ميزانية التعليم والإسكان والطرق، وغيرها من المشروعات التي يحتاجها العامة. إعداد: طه حسيب