بالأمس بدأت أعمال الفصل التشريعي الخامس عشر للمجلس الوطني الاتحادي، بافتتاح صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، أعمالَ دور الانعقاد الأول من هذا الفصل التشريعي الجديد، ليبدأ 40 عضواً، نصفهم تم تعيينهم والنصف الآخر سبق وأن انتخبهم الشعب في سبتمبر الماضي، بدأوا جميعاً عملهم البرلماني وأول ما بدأوا به وقبل كل شيء، أنهم قاموا بتلاوة القسم البرلماني: "أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للإمارات العربية المتحدة ورئيسها وأن أحافظ على أمنها وسلامتها، وأن أكون مطيعاً للدستور والقانون وأن أؤدي واجباتي بالصدق والأمانة". العمل البرلماني يبدأ بتحمل الأعضاء مسؤوليتهم قبل أن يحاسبوا الآخرين وقبل أن يسائلوا الوزراء والمسؤولين، فيجب أن يتذكر كل عضو برلماني في كل يوم أنه أقسم بهذا القسم العظيم، وأنه تحمل المسؤولية أمام الشعب الذي يراقبه والقيادة التي حضرت بالأمس جلسة الافتتاح، فحضور صاحب السمو رئيس الدولة وإخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات وسمو الشيوخ أولياء العهود، يعني أن هناك اهتماماً بهذا المجلس وبدوره. ومما يؤكد هذا الاهتمام ما قاله صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله بمناسبة الافتتاح، فقد كانت كلمته واضحة وخصوصاً عندما قال: "إنها مسؤولية وأمانة عظيمة وعبء ثقيل وتكليف وطني... فمن وضعوا الثقة فيكم وأنابوكم ترشيحاً وتعييناً ينظرون إليكم وينتظرون منكم... فكونوا بقدر الثقة وأخلصوا وناصحوا... التزموا مصلحة الوطن ومصالح المواطنين، وفي الحق سنكون معكم مساندين ومعاضدين ومؤيدين". فالمسؤولية كبيرة إذن، والدعم كذلك كبير، لذا فإن العمل يجب أن يكون في مستوى المسؤولية والدعم، وكذلك في مستوى تطلعات المواطنين الذين أصبح تطلعهم لهذا المجلس أكبر بكثير من الماضي. ولم يفت صاحب السمو رئيس الدولة أن يذّكر أعضاء المجلس الوطني الاتحادي الجدد أن وصولهم إلى المجلس هو مسؤولية وليس وجاهة، فقد قال سموه: "ونذكّركم بأن عضوية المجلس الوطني ليست امتيازاً أو وجاهة اجتماعية"، فمن أراد الوجاهة فلا شك أنه سيجد شيئاً منها من خلال عضويته في المجلس، عضواً برلمانياً، لكن يجب أن يتذكر كلام صاحب السمو رئيس الدولة دائماً، وأن لا ينسى -سواء أكان معيناً في المجلس أو كان منتخباً- أن ما ينتظره منه المجتمع والوطن كثير جداً، لاسيما في المرحلة الحالية التي تشهد كثيراً من المتغيرات. ويتميز المجلس الحالي ببعض الأمور التي قد تساعده في عمله بشكل أفضل. منها أن 90 في المئة من أعضائه جدد، وأن غالبية الأعضاء هم من الشباب دون الأربعين من العمر، والباقي قيادات وطنية مخضرمة في مجالات مختلفة لها إسهاماتها المعروفة وقد قدّمت الكثير للوطن خلال مسيرة عملها. كما أن المجلس يضم سبع سيدات اثنتين من هن يحملن شهادة الدكتوراه. هذه التركيبة للمجلس تعطيه ديناميكية وشكلاً مختلفين في العمل والإنجاز، لذا نتمنى أن يستفيد الأعضاء الجدد في الفصل التشريعي الحالي والذي ينطلق مع احتفالات الدولة بالعيد الأربعين لقيام اتحاد دولة الإمارات، من الاهتمام والدعم الذي توليه القيادة السياسية في الدولة لإنجاح دور المجلس وتطويرعمله وآلياته. إن المسؤولية كبيرة. وقد أكد صاحب السمو رئيس الدولة في كلمته بالأمس أن ما هو منتظر من المجلس هو شيء كبير، وقال سموه: "وننتظر من المجلس اليوم في فصله الخامس عشر وجوداً أكثر فعاليةً، يستشعره الناس، ومشاركةً أعظمَ تأثيراً". فإذا كانت القيادة تريد المشاركة المؤثرة والشعب يريد نفس الأمر، يبقى الفعل عند أعضاء المجلس الوطني الاتحادي وتحت قبة البرلمان، فلا شيء يحول دون ممارسة عضو المجلس دوره التشريعي والاستشاري والرقابي، ولا شيء يحول دون عمله على تطوير دور المجلس. والمجلس الوطني الاتحادي يحتاج إلى تطوير أدواته وآلياته وتطوير عمله، وهذه مسؤولية الأعضاء أولاً، فيجب أن يعملوا على وضع تصور واضح لدور المجلس، وكذلك تحديد صلاحياته والأمور التي تساعدهم كأعضاء كي يطوروا عمل المجلس بحيث يكون فاعلاً ويكون في مستوى طموح الجمهور، وكذلك حتى يستطيع أن يقنع الناس بأهميته كمجلس يفترض أن تكون له أدوار تشريعية ورقابية مؤثرة. ونذكر أعضاء المجلس الوطني العشرين المنتخبين، بوعودهم الانتخابية التي أوصلتهم إلى مقاعد البرلمان، ونذكرهم بالمواطنين الذين تحمسوا لهم وقاموا بالتصويت لهم ودعوا الآخرين لمساندتهم، هؤلاء ينتظرون منكم تنفيذ الوعود، وتحقيق الطلبات، أما أعضاء المجلس الوطني العشرين المعينين فنذكرهم أيضاً بأن ثقة الحكام كانت فيكم كبيرة باختياركم من بين الجميع وتكليفكم بتمثيل المواطنين في المجلس، فما هو منتظر منكم كبير أمام المواطنين والمسؤولين. أما المواطنون فلابد أن نذكرهم بأن لهم حق وعليهم واجب، فلهم حق حضور جلسات المجلس الوطني الاتحادي في أي وقت لمتابعة الجلسات وأداء الأعضاء والاستماع لما يتم طرحه في المجلس، وعليهم واجب مراقبة أداء الأعضاء في المجلس ممن قاموا بانتخابهم، فهذا من حقهم ومن حق الوطن عليهم. وعندما نريد أن تنجح التجربة البرلمانية والديمقراطية في الإمارات، يجب أن نتذكر كل ذلك، وأن نضع أمام أعيننا كلمة صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله.