تستضيف أبوظبي هذه الأيام بعض الفعاليات العلميّة المهمّة التي تعكس بوضوح رؤيتها الخاصة ببناء مجتمع الابتكار والإبداع والمعرفة، والاستفادة من الخبرات العالميّة في هذا الشأن، حيث بدأ أمس "المهرجان الرابع للمفكرين والمبدعين في العالم"، الذي "تنظّمه كليات التقنية العليا" في "فندق قصر الإمارات" بأبوظبي، بمشاركة 97 من أبرز المفكرين والعلماء العالميين، إلى جانب عدد من العلماء الحائزين جائزة "نوبل"، وأكثر من 300 من العلماء الشباب من 80 جامعة من مختلف أنحاء العالم، كما سيستضيف "مجلس أبوظبي للتعليم" الأسبوع المقبل معرض "ألف اختراع واختراع" في جولته الأولى في الشرق الأوسط، كإحدى أبرز فعّاليات "مهرجان أبوظبي للعلوم"، بمشاركة نحو 15 ألف طالب وطالبة من الصف الأول حتى الصف التاسع من 174 مدرسة. تنطوي هذه المهرجانات على أهميّة كبيرة، ليس لأنها تقدم صورة لما وصلت إليه النهضة العلمية في العالم، خاصة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وإنما لأنها تسهم كذلك في تحفيز طلابنا في المدارس والجامعات من أجل الالتحاق بهذه المجالات الجديدة التي ترتبط بحركة المجتمع وتطوّره، وتسهم أكثر من غيرها في تحقيق أهداف الدولة التنمويّة. فالمشاركون في "المهرجان الرابع للمفكرين والمبدعين في العالم" سيقدّمون عدداً من الأوراق العلمية حول كثير من التحديات التي تواجه العالم، كالأوضاع الصحية المتردّية في عدد من مناطق العالم، ودور التكنولوجيا في تطوير الحياة البشرية، وتحسين مخرجات التعليم، وإيجاد فرص اقتصاديّة ووظائف، فيما يستهدف معرض "ألف اختراع واختراع" جذب اهتمام الطلاب إلى مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، من خلال تغطيته موضوعات متنوّعة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار التي تشمل علوم "الروبوتات" والطيران والفيزياء والأحياء والكيمياء والآثار. لقد أصبح تأسيس مجتمع الإبداع والابتكار والمعرفة يشكّل أولوية كبرى في أجندة الدول والمجتمعات كافة، التي تسعى إلى تحويل اقتصاداتها من اقتصادات تقليديّة إلى اقتصادات تعتمد على المعرفة والابتكار، اللذين باتا المعيار الرئيسي للتقدّم، والاستمرار فيه، وهذا ما تدركه أبوظبي، والإمارات بوجه عام، التي تسعى إلى بناء مجتمع الإبداع والابتكار، انطلاقاً من قناعتها بأن ذلك هو المدخل الأمثل لتحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، وتخفيض الاعتماد على قطاع النّفط والغاز، وهذا ما تعكسه المرتبة المتقدمة التي حققتها الإمارات في تقارير التنافسية العالمية، فوفقاً لتقرير التنافسيّة العالمي 2012/2011 الصادر عن "المنتدى الاقتصادي العالمي"، جاءت الدولة ضمن المجموعة الثالثة، وهي أعلى مرتبة يتم تصنيف الدول فيها بناءً على اعتماد اقتصادها على عوامل تعزيز الابتكار في التنمية الاقتصاديّة، كما جاءت في المرتبة الأولى عربيّاً في التقرير السنويّ للمنظمة العالمية للملكية الفكرية "الوايبو" لعام ?2010 في مجال براءات الاختراعات الفكرية والعلمية والتكنولوجية، الأمر الذي يؤكّد أنها ضمنت لنفسها موقعاً متقدماً على خريطة الاقتصاد العالمي، الذي أصبح يعتمد في الأساس على الابتكار والمعرفة والإبداع. إن التوجّه نحو بناء مجتمع الإبداع والابتكار والمعرفة، وتوفير المقومات اللازمة التي تسمح لهذا المجتمع بالقيام بدوره في خدمة أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، يشير بوضوح إلى أن دولة الإمارات تسعى إلى منافسة الدول الرائدة في العالم على أساس رأس مالها المعرفيّ بدلاً من الاعتماد الكلي على ثرواتها الطبيعية لتعزيز تطورها الاجتماعي ونجاحها الاقتصادي، وهذا ما تعكسه "رؤية الإمارات 2021" التي تستهدف بناء "اقتصاد معرفيّ متنوّع مرن تقوده كفاءات إماراتية ماهرة، وتعززه أفضل الخبرات بما يضمن الازدهار بعيد المدى للإمارات". ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.