تزايد السكان يعني بالضرورة الحاجة الماسة إلى المزيد من الطاقة في العالم، وهذا الوضع المحتوم سواء من ناحية التاريخ البشري أو حتى التوقعات المستقبلية لتوالي الزيادة السكانية في العالم أجمع بغض النظر عن التفاصيل التي تذهب إلى زيادة أعداد المسنين في مكان أو زيادة أعداد الشباب في مكان آخر. وهذا الأمر يعني من الناحية العملية والواقعية البحث الدؤوب عن المصادر البديلة والمتجددة للطاقة وعدم التوقف عند الطاقة الأحفورية باتجاه واحد ولو دامت قرناً آخر من عمر الزمن الافتراضي لها. حتى لو انتظر البعض المتوجس عقوداً أخرى لاتخاذ القرارات المصيرية بهذا الشأن، فإن هناك من سيمضي قدماً في هذا المجال المهم لضمان الحصول على الطاقة اللازمة للدخول إلى المستقبل بدل الوقوف أمام أضرار الفحم أو الكربون في جو السماء والأرض. وفي المقابل فإن الحرمان من الطاقة يعني العودة بالناس إلى أكل أنواع من الحشرات التي لا تحتاج إلى أي مصدر للطاقة في طهيها وهذا ما لا يريد العالم الوصول إليه أو التفكير فيه، وإلا كانت الجهود التي تبذل للبحث عن بدائل نظيفة وآمنة للطاقة الحيوية والمهمة لكل البشر تمضي حبراً على ورق. إن حمى البحث عن مصادر الطاقة المتاحة بكل سهولة في بعض البلدان نابع من القلق أو الخوف من استنفاد الطاقة الأحفورية التي يأتي النفط منها بمثابة العمود الفقري، لأنه كما يقول الخبراء في هذا الشأن بأن النفط يصعب الاستغناء عنه بسهولة لأنه يعتبر مكوناً رئيسيّاً لكل أنواع الصناعات البتروكيماوية أو البلاستيكية أو حتى بعض الأطعمة التي تستخدم غذاء مهمّاً لرجال الفضاء. ومن هنا يبقى النفط هو القطب الرئيسي الذي يدور العالم حوله لعقود قادمة ومهما كانت البدائل الأخرى ميسرة ومتوفرة كطاقة الشمس والرياح والمياه المتدفقة من الشلالات، إضافة إلى الطاقة النووية الباردة أو السلمية، فإن فوائد النفط لا يمكن تعويضها في أي مصدر بديل آخر وهذا ما يعطي طاقة النفط بُعداً استراتيجيّاً أكبر من غيرها. إن العالم اليوم بحاجة إلى سلة من الطاقات كما يدعو البعض إلى التوجه نحو سلة من العملات لتجاوز الآثار السلبية لأي أزمة مالية واقعة أو مقبلة. المطلوب مزيد من التعاون والتقارب بين المجتمعات لحمل هموم بعضها بعضاً، فالاتحاد الأوروبي على سبيل المثال وضع اليوم مشروعاً يعتبر الأضخم إلى هذه الساعة للاستفادة من الطاقة الشمسية الميسرة في الصحراء الكبرى بأفريقيا ووضعت لذلك ميزانية قدرها 500 مليار يورو بهدف التجارة في هذه الطاقة بعد تخزينها، فأين موقع أفريقيا من كل أوروبا ومع ذلك لم تكن المسافات عائقاً لتنفيذ مثل هذه المشاريع العملاقة. والأكثر من ذلك فإن هناك مشروعاً آخر لا يقل ضخامة عن سابقه، وهو يتعلق بالربط الإلكتروني للكهرباء على مستوى أوروبا كلها بحيث يستطيع أي فرد في أي دولة في أوروبا الاشتراك في خدمة إيصال الكهرباء إلى المنازل دون الحاجة إلى الذهاب إلى مكاتب التوصيل المحلية أو الشركات التي تقوم بهذا العمل بشكل روتيني في أي مجتمع. إننا أمام مرحلة تحتم علينا التفكير الجماعي في تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة بحيث يأخذ في الاعتبار ليس فقط خدمة مجتمع ما، بل خدمة البشرية من خلال كبسة زر إلكتروني تضيء على الإنسانية وتوفر خدماتها أينما كانت جغرافيتها، وهذا لا يتأتى إلا بالجهود الجماعية التي بإمكانها انتشال الناس من وهدة فقدان الطاقة أو عدم القدرة على شرائها في يوم ما.