في إطار توجّهها نحو تعظيم الاستفادة من البحث العلمي، وتوظيفه في المجالات التي تخدم خطط التنمية وأهدافها، دشّنت "الهيئة الوطنية للبحث العلمي" في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مؤخراً، ست مسابقات تمويل بحثي جديدة، تستهدف بناء قاعدة وطنية من الباحثين في الدولة لتلبية الاحتياجات المتزايدة للبحوث المتخصّصة في مجالات مهمّة، منها الطاقة المتجدّدة والفلك وأشباه الموصلات وصناعة الطيران، كما ستقدّم الهيئة منحاً تمويلية بحثية لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الحكومية والخاصة المعتمدة، تتضمّن إيفادهم إلى أفضل المراكز والجامعات البحثية في العالم من أجل تعزيز قدراتهم البحثية، بالإضافة إلى تقديم منح للباحثين العاملين في جامعات الدولة من أجل تمويل عملية إيداع طلبات تسجيل براءات اختراعاتهم، ومنح أخرى من أجل تعزيز التعاون البحثي بين الجامعات وقطاع الصناعة في الدولة. التوجّه نحو تمويل البحوث المتخصّصة في هذه المجالات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بخطط التنمية وأهدافها في الدولة يعكس القناعة الراسخة بقيمة البحث العلمي، باعتباره بات مدخلاً رئيسياً في دعم مسيرة التنمية والاقتصاد المعتمد على المعرفة، وهذا يتواكب مع استراتيجية الحكومة للأعوام 2011-2013 التي اشتملت على سبع أولويات من ضمنها استراتيجية "اقتصاد المعرفة التنافسي"، التي ترتكز على البحث العلمي، وما يرتبط به من مجالات جديدة تخدم أهداف التنمية. تولي دولة الإمارات اهتماماً واضحاً بالبحث العلمي لكي يستجيب لمتطلبات النمو واقتصاد المعرفة، من خلال إنشاء جامعات وكليّات ومعاهد متخصّصة، وبالشكل الذي يخدم استراتيجية الدولة وخططها المستقبلية نحو الدخول إلى المجالات الحديثة والمتطوّرة والتخصّصات النادرة التي تخدم عملية التنمية المستدامة فيها، هذا في الوقت الذي تستهدف فيه خطط التطوير المعلنة لمنظومة التعليم في الدولة توفير المناخ المناسب للبحث العلمي، وليس أدلّ على ذلك من أن "استراتيجية أبوظبي لتطوير التعليم العالي" تركّز على كيفيّة توجيه البحث العلمي نحو خدمة الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للإمارة، إضافة إلى أنها تضع لنفسها أهدافاً مهمّة تسعى إلى تحقيقها في السنوات المقبلة، في مقدّمتها زيادة الإنفاق المخصّص للبحوث والتطوير ليصل إلى 4.9 مليار درهم بحلول عام 2018، ورفع مستوى جامعتين في أبوظبي لتصبحا في قائمة أفضل 100 جامعة في العالم، وإنشاء جامعات قادرة على إصدار 50 براءة اختراع باعتبارها مقياساً لأداء البحوث. هذه الإيجابيات لا تنفي أن هناك تحدّيات رئيسية عدّة تواجه مسيرة البحث العلمي في الدولة، تتطلّب التعاطي معها، وإيجاد حلول سريعة وإبداعية لها، في مقدّمتها ظاهرة تسرّب طلبة الثانوية العامة من القسم العلمي إلى القسم الأدبي في الأعوام الأخيرة، وتراجع الدعم الذي يقدّمه القطاع الخاص للبحث العلمي، سواء في ما يتعلّق بتمويل البحوث أو تقديم المنح العلمية. إذا كانت دولة الإمارات تسعى إلى منافسة الدول الرائدة في العالم على أساس رأس مالها المعرفي بدلاً من الاعتماد الكلّي على ثرواتها الطبيعية لتعزيز تطوّرها الاجتماعي ونجاحها الاقتصادي، وفقاً لـ "رؤية 2021"، التي تركز بشكل أساسي على بناء اقصاد تنافسي قائم على المعرفة، فإن تحقيق هذا الهدف يتطلّب معالجة التحدّيات السابق الإشارة إليها، فضلاً عن توجيه مشروعات البحث العلمي إلى المجالات والتخصّصات النوعية الدقيقة التي تسهم في دفع مسيرة التنمية قدماً إلى الأمام. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية