في إطار التوجّه المتنامي الذي تشهده الدولة نحو تعميم وسائل النقل الجماعي، قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي -رعاه الله- مؤخراً بتدشين المحطّة والعربة النموذج لترام الصفوح في دبي. هذا المشروع الذي يندرج ضمن مشروعات النقل الجماعي التي تشهدها دبي والعديد من إمارات الدولة الأخرى، يستهدف في الأساس توفير وسائل نقل آمنة ومريحة للركّاب، بما يسهم في تخفيف الازدحام المروري. لقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في هذه المناسبة أهميّة نشر ثقافة الاستخدام الأمثل لوسائط النقل وترسيخها لدى الجمهور، والتعريف بالفوائد الناجمة عن هذه الاستخدامات، خاصّة لجهة حماية البيئة المحلية من التلوث، وتأمين وسائل الأمان والراحة للركاب، وهذا يسلّط الضوء على مسألة مهمة، وهي ثقافة النقل الجماعي لدى كثير من أفراد المجتمع، والذين ما زالوا ينظرون بتحفّظ إلى فكرة النقل الجماعي، تلك النظرة التي لا شكّ أنها تقلل الاستفادة من وسائل النقل الجماعي. وإذا كان الاهتمام بمشروعات النقل الجماعي يعدّ توجهاً استراتيجياً يتواكب مع حركة التطور التي تشهدها الدولة في المجالات كافة، ويراعي متطلّبات النمو الاقتصادي، والاحتياجات المستقبلية للزيادة السكانية والتوسع العمراني المتوقّع في السنوات المقبلة، فإن من الضروري التحرك نحو تغيير النظرة السلبية السائدة لدى كثير من أفراد المجتمع في ما يتعلّق بوسائل النقل الجماعيّ من أجل تكريس قبول استخدام المواصلات العامة، والاستعداد للتخلي عن المركبات الخاصة، أو تقليل الاعتماد عليها، خاصّة مع الاهتمام المتزايد بهذا النوع من المواصلات في مختلف إمارات الدولة خلال الفترة الماضية. لقد أصبحت وسائل النقل الجماعي تشكّل أحد البدائل المهمة لمواجهة الازدحام المروريّ الذي تشهده العديد من مدن الدولة، وأثبتت بالفعل أنها قادرة على جذب أفراد المجتمع إليها. ولعلّ تجربة الحافلات العامة في أبوظبي تقدم دليلاً على ذلك، فقد كان الإقبال عليها محدوداً ومقتصراً على فئات بعينها في البداية، تأثراً بالنظرة الثقافيّة السلبيّة إلى النقل الجماعي، إلا أن زيادة عدد هذه الحافلات، وتوفير محطات الانتظار المكيفة لها، فضلاً عن انتظامها وجدية أدائها وتميّزه، قد رفعت تدريجياً من نسبة الإقبال، ولم يعد الأمر مقتصراً على فئة أو فئات بذاتها، كما أصبحت الحافلات العامة بلونها المميّز معلماً أساسياً في شوارع العاصمة، والسبب في ذلك هو اقتناع الناس بجودة الخدمة التي يقدّمها النقل العام وقدرته على أن يوفر خياراً مهماً وجيداً للتنقل. والأمر نفسه في ما يتعلّق بتجربة مترو دبي التي تقدم حلولاً نوعية لمشكلة الازدحام المروري في دبي، فقد بات يجذب كثيراً من أفراد المجتمع، وهذا ما توضّحه الإحصاءات الرسمية التي تشير إلى أن الإقبال عليه من جانب الجمهور يزداد بصورة متصاعدة. تغيير النظرة السلبيّة المنتشرة لدى كثير من أفراد المجتمع إزاء النقل الجماعيّ لن يتحقق بوسائل الإعلام والدعاية والترويج فقط، وإنما سيتم ذلك بالحفاظ على مستوى جودته، وبالتالي تنامي الاقتناع بجدوى المواصلات العامة، وأنها تمثل بديلاً آمناً ومريحاً. صحيح أن الحملات الإعلامية والدعائية تسهم في تثقيف أفراد المجتمع وتوعيتهم بالفوائد العديدة لاستخدام المواصلات العامّة على المستويات كافة، لكن العمل على تعميم تجربة النقل الجماعيّ، وتطويرها بشكل متواصل، والارتقاء بخدماتها المختلفة، يسهم في تعزيز ثقافة النقل الجماعيّ بين أفراد المجتمع أيضاً. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.