هل إقالة وزير الصحة هي نهاية المطاف؟ وهل البداية هي الوزير أساساً؟... مؤسسة كالصحة تعد قطاعاً حيوياً، هو الأهم في كل دول العالم، ومن ثم تطويره وإصلاحه ليس بالأمر السهل. مميزات هذا القطاع تعد الأضخم بعد التعليم والدفاع، وبالتالي كان لابد من أن تتمتع مؤسسات الرعاية الصحية بمستوى متقدم سواء ما يتعلق بنوعية الخدمة أومستواها. فالنقص المعيب الذي تشكوه المؤسسات العلاجية لا ينحصر في الدواء، رغم ضرورته الملحة، ولا ينحصر أيضاً في عدد الأطباء والممرضين، ولأن كثيراً من هذه المؤسسات لم يؤد ما هو مطلوب منه بالشكل الصحيح، صار بعضها أطلالاً يبكي عليها الأصحاء قبل المرضى. ولا يعني أيضاً أن نُسعر النقد لأن أحداً أقيل أو أعفي من منصبه. وكان هناك من قبل من كان يعتقد أن هذا المسؤول لديه القدرة على تحقيق شيء من النجاح. ورغم أن قطاع الصحة والتعليم من أكثر القطاعات تعرضاً للنقد وبشكل يومي ربما، إلا أن الوقت لا يتحمل الكثير من اللوم فالصحة تركة ثقيلة، ومؤسسة يصعب التعامل معها ما لم يكن المسؤول عن إدارتها تخرج منها وعايش همومها وعاصرها. فلا يتوقع النجاح من شخص لا علاقة له بالصحة ولم يُعرف عنه النجاح أو التميز الإداري في أي مؤسسة قادها مسبقاً، فكيف له أن يقود مؤسسة كالصحة ومطالبة بالنجاح؟! اختيار الكفاءات ليس بالأمر الصعب، ولا يعني أن هناك نقصاً في السوق منهم، لكن الإيمان بضرورة وصول الكفاءات صاحبة التاريخ في المجال ذاته يعني أن هناك نجاحاً متوقعاً سيحرز ولو بنسبة قليلة. فأهل مكة أدرى بشعابها، خاصة أن كثيراً من الأمور تتوقف على مدى استيعاب وإدراك المسؤول عما يحدث في قاع مؤسسته، وعن حقيقة ما يجري فيها. وأزعم أن العديد من القطاعات بحاجة إلى مسؤول من الحقل ذاته، بمعنى أن يكون المسؤول أو الوزير أو المدير من أهل الدار، لا يستدعي الأمر أن يأتي بآخر من كوكب مختلف، وادعى بعدها تفوقه، ربما كانت هناك استثناءات تُثبت القاعدة، ولكن في قطاع مثل الصحة أو التعليم لابد من وصول الشخص المناسب للمكان المناسب. فما يحدث اليوم يتطلب الدخول في عوالم الحقيقة، خاصة أن التغيير هو المطلوب في أي مؤسسة، فالمسؤول لا ينبغي انهاكه، واستنفاد طاقته في معارك لا طائل منها سوى محاولة أن يبقى الوضع على ما هو عليه، دون أدنى مراعاة لضمير أو واجب وطني بضرورة العمل ضمن معيار الأمانة والوصول بالمؤسسة نحو شواطئ الاستقرار والأمان، فالسجالات الدائرة يعلم عنها الجميع ويتحدث فيها كثيرون.