اتفاقية التعاون التي وقّعتها القيادة العامة لشرطة أبوظبي، مؤخراً، مع مؤسسة "راند" الأميركية بشأن تقديم خدمات استشاريّة لتطوير قدرات "مركز البحوث والدراسات الأمنية" تأتي في سياق الاهتمام الذي توليه شرطة أبوظبي، ووزارة الداخليّة بوجه عام، بالبحوث والدراسات الأمنيّة، وتطويرها بشكل متواصل لتكون في خدمة العمل الشرطي والأمني والمجتمعي، فهذه الاتفاقيّة تستهدف تطوير قدرات "مركز البحوث والدراسات الأمنيّة" التابع لشرطة أبوظبي في مجال إعداد أبحاث الأمن السياسي والاقتصادي والإجتماعي، والقيام بتحليلات للسياسات تتسم بالابتكار والدقة والفعاليّة، بالشكل الذي تسهم معه في الارتقاء بالعمل الشرطي والأمني. الاهتمام بتطوير الدراسات والبحوث الأمنية أصبح ضرورة ملحّة، خاصة مع بروز تحديات جديدة وجرائم مستحدثة لم تكن معروفة من قبل كالجرائم الإلكترونية وجرائم البيئة والجرائم المالية المتعدّدة كسرقة البيانات الائتمانية، وتزييف العملات، والجريمة المنظمة بأشكالها المختلفة التي تهدّد أمن المجتمع وأنظمته الاقتصادية، ذلك كلّه جعل من الضروري تطوير البحوث والدراسات الأمنية، كي تكون قادرة على دراسة هذه النوعية من الجرائم وما تثيره من تحدّيات أمنية بأسلوب علمي، والاسترشاد بنتائجها في وضع الخطط والاستراتيجيات الأمنية. بهذا المعنى، فإن البحوث والدراسات العلمية المعمّقة أصبحت من مقتضيات الضرورة الأمنيّة، باعتبارها تسهم بصورة واضحة في دعم صانعي القرار، وتقديم البدائل والخيارات المختلفة التي تساعد على صياغة الاستراتيجيات الأمنية. وعلاوة على ما سبق، فإن الاهتمام بالبحوث والدراسات الأمنيّة من شأنه تفعيل البحث العلمي والدراسات الميدانية في مجال العمل الأمني، ما يساعد على تحديد عناصر الجريمة ومكوناتها الرئيسية، والتعرّف على مسبباتها الحقيقية للحدّ من وقوعها وانتشارها في المستقبل، خاصة أن هناك جملة من القضايا ذات طبيعة اجتماعية واقتصادية قد تهدّد أمن المجتمع واستقراره، مثل المخدرات والإدمان وعنف الأحداث والاتجار بالبشر والعنف الأسريّ، تمثل مجالاً خصباً للدراسة والبحث، ودراستها من منظور شامل، يأخذ في الاعتبار أبعادها الأمنية المختلفة، تساعد على وضع السياسات والاستراتيجيات الكفيلة بالتعاطي معها. اهتمام شرطة أبوظبي بتطوير "مركز البحوث والدراسات الأمنية" لا ينفصل عن رؤيتها لتحديث العمل الشرطيّ بوجه عام، والتي تتضمّن العديد من المحاور المهمة كامتلاك أحدث التقنيات الأمنية في العالم، وتوظيفها في إداراتها المختلفة، والاهتمام بتطوير قدرات العنصر البشري وامتلاكه أدوات المعرفة في العلوم الأمنية المختلفة، حيث تحرص في هذا السياق على إيجاد ضباط متخصّصين في الجرائم المستحدثة التي تزايدت في الآونة الأخيرة، وأصبحت من أخطر مهدّدات الأمن والاستقرار في أبوظبي والإمارات بوجه عام. وتبقى الإشارة إلى أن اهتمام شرطة أبوظبي بتطوير "مركز البحوث والدراسات الأمنية" يتماشى مع التوجّه العام لوزارة الداخلية في هذا الشأن، إذ أصبحت تولي أهمية كبيرة للبحوث الأمنية، وليس أدلّ على ذلك من استحداثها، هذا العام، جائزة سنويّة باسم "جائزة وزير الداخلية للبحث العلمي" تمنح لأفضل ثلاثة بحوث في المجالات التي تخدم العمل الشرطي، وكذلك موافقة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، على استحداث إدارة الدراسات العليا في كلية الشرطة، والتي بموجبها يتم فتح باب الانتساب للحصول على درجة الماجستير حالياً، والدكتوراه في المستقبل القريب لمنح الدرجات العلميّة في مجالات العدالة الجنائية والعلوم الشرطية، وهذا يؤكد بوضوح حرص الوزارة على تشجيع البحوث والدراسات التي تسهم في تعزيز العمل الشرطي والأمني. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.