أتفق مع الدكتور أحمد عبدالملك حين يدعو إلى التأمل فيما يمكن اعتباره "دروساً من المحاكمة" التي تشهدها مصر حالياً لمبارك ونجليه وبعض أركان نظام حكمه السابق. والدلالة الأولى لهذا الحدث الذي لا يكاد يوجد له نظير في التاريخ العربي كله، هي أن حقبة جديدة في مصر قد بدأت عملياً، وأن التوجه الذي لا رجعة عنه بالنسبة لشعبها ونخبها حالياً هو إقامة نظام ديمقراطي يرسي قطيعة كاملة مع الماضي بكل ما شابه من أفكار وممارسات سلطوية. أما الدلالة الثانية فهي أن القرار في مصر، بدأ -ولأول مرة- يعود إلى صاحبه الحقيقي وهو الشعب، وفي ذلك مؤشر على وجود إرادة عامة لتصحيح المسار والانطلاق من بداية جديدة في الحياة السياسية، ضماناً لإقامة مجتمع الحريات والعدالة والديمقراطية، أما ما عدا ذلك فهو مجرد صيغ مختلفة شكلياً لخيار حكم الفرد المستبد الذي أضاع عقوداً طويلة من حياة مصر ومقدراتها المادية والمعنوية ومكانتها العربية. إبراهيم جلال -القاهرة