موافقة حكومة أبوظبي، مؤخراً، على إنشاء "مدينة الابتكار التقني" تعدّ توجّهاً مهماً نحو مجتمع الابتكار والمعرفة، فهذه المدينة التي ستضمّ "كليات التقنية العليا"، ستكون مركزاً متكاملاً للتعليم والبحث ونقل التقنيات، وستسهم بدورها في توظيف التقنية لخدمة التنمية الشاملة والمستدامة في الدولة، والمساعدة في التغلب على العقبات التي تقف حائلاً أمام البحث العلمي التطبيقي، خاصة بالنظر إلى ما تتمتّع به "كليات التقنية" المختلفة من إمكانات وقدرات تتيح لخريجيها القدرة على الابتكار والإبداع في مختلف مجالات العمل. إنشاء مدينة متخصصة للابتكار التقني يعكس الاهتمام المتزايد الذي توليه حكومة أبوظبي لبناء مجتمع الابتكار والمعرفة، انطلاقاً من قناعتها بأن ذلك هو المدخل الأمثل لتحقيق أهداف التنمية، وإنجاز الطموحات الكبيرة التي تتضمّنها "رؤية الإمارة 2030" لجهة تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتخفيض الاعتماد على قطاعي النفط والغاز، وتأسيس اقتصاد وطني قائم على المعرفة يعتمد على أحدث وسائل التكنولوجيا العالمية. لقد أصبح البحث العلمي القائم على الابتكار والإبداع يلعب دوراً مهماً في العملية التنموية في العالم أجمع، وبات تقسيم العالم إلى دول متقدمة ونامية يعتمد في الأساس على ما يقدّمه البحث العلمي فيها من ابتكارات واختراعات حديثة تسهم في تحقيق الأهداف التنموية للدول، خاصة في المجالات الصناعية والتكنولوجية، وهذا يفسر لماذا تخصص الدول المتقدمة جانباً كبيراً من ميزانياتها للبحوث العلمية، وتنفيذ براءات الاختراع التي تنتجها هذه البحوث، وهذا ما تدركه دولة الإمارات التي تحرص على تشجيع الابتكار والإبداع، وتعدّ "مدينة الابتكار التقني" الجديدة، التي تحظى بدعم الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، دليلاً واضحاً على الاهتمام الكبير الذي توليه قيادتنا الرشيدة لبناء مجتمع الابتكار والإبداع. أيضاً تشكّل "الهيئة الوطنية للبحث العلمي" أهمية كبيرة في بناء مجتمع الابتكار والمعرفة، لأنها تسعى إلى تأسيس نظام وطني للتطوير والإبداع والابتكار من خلال تعبئة إمكانات المجتمع وجهوده كافة، في مجال البحث العلمي وتنمية هذه الإمكانات والجهود بصفة دائمة ومستمرة مع توجيهها نحو دراسة القضايا ذات الأولوية الاستراتيجية في مسيرة التنمية الشاملة في الدولة. لقد قطعت دولة الإمارات شوطاً كبيراً نحو بناء مجتمع الابتكار، حتى أصبحت من أهم دول المنطقة في الحصول على براءات الابتكار والاختراع، فوفقاً لـ"تقرير التنافسية العالمي 2012/2011"، الصادر عن "المنتدى الاقتصادي العالمي" الشهر الجاري، فقد جاءت الإمارات ضمن المجموعة الثالثة، وهي أعلى مرتبة يتم تصنيف الدول فيها بناء على اعتماد اقتصادها على عوامل تعزيز الابتكار في التنمية الاقتصادية، وتتضمن هذه المجموعة دولاً مثل ألمانيا واليابان والسويد وأستراليا وكندا والولايات المتحدة وسويسرا والمملكة المتحدة وسنغافورة، كما جاءت في المرتبة الأولى عربياً في التقرير السنوي للمنظمة العالمية للملكية الفكرية "الوايبو" لعام ?2010 في مجال براءات الاختراعات الفكرية والعلمية والتكنولوجية، الأمر الذي يؤكد أنها ضمنت لنفسها موقعاً متقدماً على خريطة الاقتصاد العالمي الذي أصبح يعتمد في الأساس على الابتكار والمعرفة والإبداع. التوجّه نحو بناء مجتمع الابتكار والمعرفة، وتوفير المقوّمات اللازمة التي تسمح لهذا المجتمع بالقيام بدوره في خدمة أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، يشير بوضوح إلى أن دولة الإمارات تسعى إلى منافسة الدول الرائدة في العالم على أساس رأس مالها المعرفي، وأنها ماضية في هذا الطريق الذي يضمن لها تحقيق طموحاتها التنموية في المجالات كافة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.