بعد عشرة أيام من انطلاق الحملات الانتخابية قد يفشل بعض المترشحين في إقناع الناخبين بالتصويت لهم، وبعد كل تلك الإعلانات والعبارات الدعائية ما يزال بعض الناخبين يتساءل من هؤلاء؟ كما كان واضحاً أن أغلب المترشحين خلطوا وعودهم الانتخابية بأمانيهم الشخصية وبأحلامهم، والبعض الآخر تقصد إغواء الناخبين وخداعهم فاكتشفهم الناخب ووضع أمام أسمائهم علامة (?X?) كبيرة لأنه لم يستطع إقناع الناخب بما يقوله فضلاً عما يعد به. وكانت هذه من الأسباب التي أدت إلى ردات فعل عكسية لدى البعض تجاه المترشحين وحملاتهم الانتخابية، بحيث جعلهم ما رأوه وما سمعوه من المترشحين يترددون في التصويت لهم. شعارات المترشحين ما تزال دعائية والانتقادات التي وجهت إليهم لم تلاقِ أي اهتمام من المترشحين -إلا القليل منهم- وكأن أحداً لم ينتقدهم وكأن من انتقدهم لا يهمه أمرهم! فإذا كان المترشح وهو ما يزال خارج المجلس وفي حالة احتياج للناخبين ولا يهتم بصوتهم، فماذا سيفعل غداً وقد لبس بشته بعد أن ضمن مقعده في البرلمان؟! لم أفهم إصرار بعض المترشحين على برامجهم الانتخابية رغم أنها غير واقعية، وأستغرب عجزهم في تعديل برامجهم. وهذا يجعلنا نتساءل: هل ذلك بسبب أنهم مقتنعون بها، أم لأنهم غير مدركين لنقاط الخلل فيها، أم لأنهم لا يعلمون عنها أصلاً؟ حتى نكون واضحين فإن ما يمكن أن يقوم به العضو في المجلس الوطني لا يتجاوز كثيراً ما يقوم به دون أن يصبح عضواً باستثناء أن ما يقوله يكون تحت قبة البرلمان وبالتالي يسجل ويحفظ. لذا نسأل المترشحين الذين أطلقوا الوعود: هل سيستمرون في المناداة بها والعمل من أجلها حتى وإن لم يفوزوا بمقعد في البرلمان؟ هل ستبقى تلك قضاياهم الوطنية التي يتكلمون عنها باستمرار في المستقبل أم أنها ستنتهي بمجرد انتهاء فترة الدعاية الانتخابية؟ بعض الناخبين لا يتردد في التشكيك بنيات المترشحين والقول بأنهم جميعاً يسعون إلى المصلحة الشخصية، وهذه من التحديات التي يواجهها المترشحون بل قد تكون من التحديات الرئيسية للمشاركة في الانتخابات، فمثل هذه القناعة ستدفع البعض إلى عدم المشاركة وعدم الذهاب إلى صناديق الانتخابات يوم الاقتراع. لم تخل هذه الانتخابات من الكلام عن "الفلوس" وهذا الموضوع أخذ بعدين مهمين.. الأول هو ما أثاره البعض حول المخصصات المالية التي سيحصل عليها عضو المجلس الوطني الجديد والذي سيفوز بأصوات الناخبين، والملفت عند الحديث حول هذا الموضوع غرق البعض في المادية، وهم يتكلمون، وترديدهم: إذا أخذت أنت ماذا أستفيد أنا؟ والجانب الآخر لموضوع "الفلوس" هو ما يردده البعض من أن بعض الناخبين طلبوا مبالغ مالية من بعض المترشحين مقابل إعطائهم أصواتهم، وكذلك بعض المترشحين عرضوا الأموال لشراء أصوات الناخبين. هذه الممارسة نرجو أن لا تتسلل إلى تجربتنا الانتخابية لما لها من ضرر بالغ، ونتمنى من اللجنة الوطنية للانتخابات إذا ما وصلتها ملاحظات بهذا الخصوص أن تعلن عنها بكل شفافية حتى لا نسمح لمجموعة أشخاص بسلوكهم المادي هذا أن يختطفوا حلم وطن بأكمله. وحتى لا نكون حالمين أو غير واقعيين يجب أن نقر بأن من سيفوزون في هذه الانتخابات ستكون عضويتهم في المجلس "تشريفاً" أكثر من أن تكون "تكليفاً" لأن المجلس لا يتمتع بالصلاحيات الكافية التي تجعل العضو مشغولاً بالقدر الكافي أو لديه مسؤوليات مستمرة، وكذلك لأنه حتى هذه الساعة يستطيع عضو المجلس الوطني الاتحادي أن يجمع بين عضويته البرلمانية وبين وظيفته ومنصبه في الإدارات المحلية، وبالتالي فإنه يبقى "صاحب بالين"، وصاحب البالين معروف ما هو حاله، وفي مثل هذا الوضع الذي يجمع فيه بين العمل في مجلس محدود الصلاحيات، وبين وظيفة مليئة بالمسؤوليات والمشاغل، أين سيكون العمل؟ وأين ستكون الرزة والبرستيج؟ البعض يراقب الحراك السياسي والحملات الانتخابية من بعيد، ويراهن على فشل هذه التجربة، وهذا الرهان وإن كان أحد لا يستطيع أن يؤكده أو يعارضه إلا أنه يبدو في غير محله، فالوضع الطبيعي أن نراهن على نجاح التجربة وندفع بها إلى الأمام. يجب أن يكتب لهذه التجربة النجاح من ناحية نسبة المشاركة حتى ننتقل إلى المرحلة التالية، ويجب أن يحالفها التوفيق حتى نجد أنفسنا في الانتخابات المقبلة على أرض أكثر صلابة، وبخبرة أكثر ثراءً وبفهم أكبر للعملية الانتخابية وللعمل الديمقراطي. ونجاح هذه التجربة ليس بيد القوائم الانتخابية فقط وإنما بيد كل مواطن ومواطنة، فيجب أن يكون دورنا جميعاً إيجابياً من خلال تشجيع كل من يحق له التصويت بالتوجه إلى صناديق الاقتراع يوم الانتخابات ويدلي بصوته ولو لمترشح واحد، المهم أن يشارك. من يريدون أن يجففوا البحر لا يدركون أنه مهما حدث ومهما كانت أمنياتهم، فبعد 24 سبتمبر سيكون هناك 20 عضواً جديداً منتخباً سينضمون إلى المجلس الوطني الاتحادي، ومهما كانت نسبة المشاركة. فلماذا لا يتكاتف الجميع بحيث يعملون على أن يكون من يصل إلى المجلس هم أصحاب الكفاءات وأفضل المترشحين، ولماذا لا يكون هذا الحدث بأكبر نسبة مشاركة؟ خلال الأيام المتبقية من الحملة الانتخابية من المهم أن يعمل كل مترشح على حث الناخبين على المشاركة في التصويت يوم السبت 24 سبتمبر، فنجاح هذه التجربة يقاس بنسبة المشاركة، ومن هو حريص على الوطن ويحبه عليه أن لا يكتفي بالدعاية الانتخابية لنفسه بل الدعاية للعملية الانتخابية بأكملها، فنجاح الانتخابات نجاح للإمارات وفوز المترشح نجاح له فقط... فلنضع الأهداف الكبيرة أمامنا ونسعى لتحقيقها، ولنر من همه وطنه ومن همه نفسه. محمد الحمادي كاتب وصحافي-الإمارات