أجواء بداية العام الدراسي الجديد في الإمارات هي نفس الأجواء في الأعوام السابقة. حركة غير طبيعية في الشوارع. ازدحام الطلبة أمام 1186 مدرسة عامة وخاصة. حالة قلق تسيطر على أولياء الأمور والهيئة التدريسية لاستقبال حوالي 800 ألف طالب وطالبة. تأخر أولياء الأمور عن مقار عملهم من أجل متابعة أمور أبنائهم. مشاكل عدم كفاية المواصلات أو عدم معرفة السائق لعنوان المنزل. عدم انتظام اليوم الدراسي. نشاط في سوق القرطاسية والمكتبات. هذه الأشياء بعضها حقيقة وبعضها مبالغ فيه إلا أنها موجودة وبتنا نتعايش معها في بداية كل عام دراسي باعتبارها "روتيناً". المؤشرات الميدانية تقول إن هذا العام سيكون أكثر انتظاماً بعدما تم بذل جهود على مدى سنوات من أجل تنظيم العملية التعليمية في الدولة. أحد الجوانب الإيجابية للعام الدراسي الجديد في إمارة أبوظبي يتمثل في تنظيم قطاع التعليم الخاص. هناك توجه لخلق بيئة تعليمية مناسبة لا تقل عن البيئة التعليمية في المدارس الحكومية. وقد سمح مجلس أبوظبي للتعليم خلال هذا العام لإدارات المدارس الخاصة بتخصيص أراضٍ للبناء عليها. كما قامت بعض المدارس بتأجير ما زاد عن حاجتها من مبانٍ، وذلك في إطار سياسة الدمج للقطاع الخاص. مثل هذه الخطوة تعكس مدى الاهتمام الذي يلقاه التعليم في أبوظبي. وهي خطوة ضمن سلسلة من الإجراءات لتنظيم التعليم الخاص في الإمارة. بعدما عانت الدولة من المدارس "الفلل" وواجهت الكثير من المشاكل. وكانت سبباً في العديد من الخلافات. من يتابع مسيرة التعليم في أبوظبي يدرك مدى اهتمام القيادة السياسية بهذا القطاع الحيوي. لذا وجب الاهتمام بالقطاع الخاص على النحو الذي يتناسب والاهتمام الذي يلقاه التعليم الحكومي. الإحصائيات الرسمية تقول إن حوالي 31 في المئة من طلبة المدارس الخاصة في أبوظبي هم من أبناء دولة الإمارات. وهذا معناه أن هذه المدارس لا يقتصر طلابها على أبناء الجاليات فقط كما يعتقد البعض. هناك عدد لا بأس به من أبناء الإمارات يلجؤون إلى هذه المدارس لأسباب مختلفة ما يدفع القائمين على التعليم إلى الاهتمام بهذا القطاع التعليمي المهم، فحوالي 180 ألف طالب، مواطن ووافد، في القطاع الخاص بإمارة أبوظبي و127 ألفاً في مدارس الحكومة. هذه النسبة كافية من أجل الدفع إلى الاهتمام بهذا القطاع. والمعروف أن الدول المتحضرة تراهن كثيراً على دور رجال الأعمال والقطاع الخاص في تخفيف العبء التنموي وبالشكل الذي يسمح للدولة بالتفرغ لمسألة الإشراف على جودة المخرجات من خلال تطبيق الاستراتيجيات. وكل الدول المتقدمة تدفع برجال الأعمال إلى المشاركة في العملية التنموية من خلال تشجيع المستثمرين على ضخ الأموال في القطاع التعليمي. العلاقة بين القطاع الخاص عندنا والتعليم تحديداً تحتاج إلى إعادة صياغة بحيث يتسع دور الخواص ليشمل المساهمة في استمرارية العملية التنموية وتحمل المسؤولية الاجتماعية بجانب الربح المادي. الإمارات منذ فترة وهي متجهة نحو "خصخصة" العديد من قطاعاتها الحيوية، مثل الصحة والكهرباء، بعدما نظمت القوانين والتشريعات، ولابد أن ينال القطاع التعليمي نصيبه من الاهتمام أيضاً، مع المحافظة على جودة العملية التعليمية ومخرجاتها. القطاع الخاص في دولة الإمارات شريك مهم في العديد من القطاعات التي كانت حكراً على الدولة. وقد أثبت هذا القطاع في أكثر من مجال مقدرة متميزة فيما يتعلق بتقديم خدمات أفضل وتحسين بيئته عندنا. على هذا الأساس ينبغي الدفع برجال الأعمال للاستثمار في التعليم ما دون الجامعي بعدما أصبحت البيئة جاهزة. محمد خلفان الصوافي sowafi@hotmail.com