يقولون إن الطيور على أشكالها تقع. وعلى التويتر، عاش الثوريون الشباب معاً على #Tahrir hashtag خلال فترة 18 يوماً من الثورة المصرية إلى أن تكشفت عن إسقاط نظام مبارك الذي استمر 30 عاماً. وقد لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دوراً هائلاً في حشد الشعب للثورة. ليس هناك أي شك في ذلك. إلا أن ثورة مصر لم تكن مع ذلك مجرد إنجاز من خلال التوسع في توظيف التويتر والفيسبوك أو حتى ويكيليكس، كما ادعى فيما بعد جوليان أسانج، مؤسس موقع التسريبات الشهير. فكل تلك الوسائل كانت، في النهاية، مجرد أدوات ساعدت، بدرجة قد يزيد الشعور بها أو يقل، القضية المشتركة: التحرير. لقد أدرك نظام مبارك الدور المهم الذي يمكن للإعلام الاجتماعي والإنترنت بشكل عام أن يلعبه في حشد الشعب من أجل الثورة، ولذا قرر ليلة 28 يناير أن يقطع سبل الوصول إلى الإنترنت، حيث شطب دولة بأكملها من على الخريطة الإلكترونية. واليوم، بينما تعيش مصر فترة تحول صعبة ما زال العديد من نشطاء التويتر يستخدمون هذه الشبكة الضخمة لنشر الوعي وروح التحرير عبر مبادرات طموحة مبتكرة. وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد أطلق الناشط علاء عبدالفتاح مؤخراً #tweetnadwa للحوار الشعبي العام، بهدف استدراج وتحفيز النقاشات التي تجمع مستخدمي التويتر في مكان محدد، حيث يقوم متطوعون بإعداد المكان ويرسلون رسائل التويتر حول الحدث ويلخّصون الحوار ويجهّزون كاميرات الفيديو التي ترسل بثاً حيّاً للحدث إلى مجتمعهم على التويتر. و"حوار العصافير" هذا كما يسميه علاء له حضور واسع هائل. وتماماً مثل حدود الـ 140 حرفاً على التويتر، يعطي منبر التويتر 140 ثانية فقط لكل متحدث ليعبّر عن رأيه حول الموضوع الذي يجري بحثه. ومن بعض الأمثلة على المواضيع التي يجري بحثها في ندوات التويتر هذه قضايا وهموم الاقتصاد والعدالة الاجتماعية وجذور الثورة التي تمتد عبر عقود من الزمان. وقد ينتمي المنظمون إلى مدارس وتيارات فكرية وسياسية متباينة إلا أن اقتناعهم بوجهات نظرهم السياسية لا يعني أنهم يسعون لإقصاء أو استبعاد غيرهم ممن يتبنون وجهات نظر مختلفة. وحتى الإسلاميين؟ نعم، تجدهم هناك. إنها روح التحرير التي تجمع شباباً ذوي عواطف خالصة يحلمون بمستقبل أفضل لبلادهم مصر التي ولدت من جديد، ويرسلون رسائل التويتر بهدف التعريف بها وبهمومها وقضاياها العامة والخاصة. وتقوم مجموعة أخرى من أصحاب التويتر بإيجاد مساحة للمدونين والفنانين والناشطين. وفي هذا السياق يكتب الناشط حسين السعيد مثلاً عن مبادرة 17 شخصاً في خريف عام 1995 في برلين بإنشاء "القاعدة س" (C Base) وهي مساحة خلاقة بدأت كنقطة للتدريب على المهارات التكنولوجية، وتطورت لتصبح أكبر مساحة خلاقة/مساحة لمن يدخلون عنوة على المواقع الإلكترونية في العالم. وقد "كان هدف هذه الجمعية، التي نمت لتضم 300 عضو، زيادة المعرفة والمهارات المتعلقة ببرمجيات الحاسوب وأجهزته وشبكات البيانات". ويريد حسين أن يكون لمصر "قاعدة س" خاصة بها في وسط مدينة القاهرة. وتحتاج مصر ما بعد 25 يناير بالنسبة لحسين إلى حراك اجتماعي واسع وتغيير لا يمكن أن يأتيا إلا من خلال العمل المنظّم عبر التشبيك الاجتماعي. وستكون القاعدة نقطة تجمّع ذاتية الإدامة مفتوحة 24 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع للناس المبدعين المليئين بالعاطفة والحماسة الذين يحاولون تحسين مجتمعهم وخدمته من خلال إسهام موجه في التبصير والتنوير بقضايا الشأن العام. إنها منبر على شاكلة "مصدر مفتوح"، ومكان يتم فيه تشجيع التواصل والتعاون ومساعدة الآخرين بأسلوب منظم لتطوير مشاريع مختلفة، سياسية أكانت أو اجتماعية أو تكنولوجية. هناك حاجة إلى خمسين شخصاً على الأقل للمساهمة في الإيجار الشهري لمكان في وسط مدينة القاهرة، الذي لا يعتبر الإيجار فيه رخيصاً، على كل حال. والفكرة هي تقسيم التكاليف على خمسين من أتباع "القاعدة س". وقد التزم 41 شخصاً حتى الآن بالمشروع. فمن يا ترى إذن مستعد أيضاً للانضمام إلى "القاعدة س" في مصر؟