انتخابات "المجلس الوطني الاتحادي" لعام 2011 تشكّل حدثاً مفصليّاً في مسيرة التحديث السياسي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ليس لأنها ستشهد مشاركة سياسيّة أوسع من جانب المواطنين، مقارنة بالانتخابات الأولى، التي أجريت عام 2006 بعد قرار زيادة الهيئات الانتخابيّة بما يحقق المصلحة العامة لمواطني دولة الإمارات، وإنما لأن الضوابط القانونية والتنظيمية، التي وضعتها "اللجنة الوطنيّة للانتخابات"، تضمن نجاح هذه الانتخابات، وخروجها بصورة تعكس الوجه الحضاريّ لدولة الإمارات، وتجربتها في التحديث والتطوير السياسي أيضاً. إذا كانت القيادة الرشيدة في دولة الإمارات تعمل على توسيع المشاركة السياسيّة لمختلف فئات المجتمع في انتخابات "المجلس الوطني الاتحادي"، وتوفير الضمانات كافة، التي تكفل لها القيام بذلك، انطلاقاً من إيمانها الراسخ بأن تفعيل المشاركة السياسية يعزّز المكتسبات الحضارية، ويتواكب مع مسيرة التنمية والتطوّر التي تشهدها الدولة في مختلف المجالات، وحرصاً منها كذلك على تفعيل الدور الذي يقوم به "المجلس الوطنيّ الاتحاديّ" على المستويات كافة، وضرورة أن يكون معبراً عن نبض المواطنين واحتياجاتهم وتطلّعاتهم، فإن على أفراد المجتمع المشاركة بفاعلية في انتخابات "المجلس الوطني" بفاعلياتها المختلفة، بداية من إبداء الآراء في البرامج التي يطرحها المرشّحون في حملاتهم الانتخابية، مروراً بطرح الأفكار والمقترحات أمام المرشحين للاستفادة منها، ونهاية بالذّهاب إلى مراكز الاقتراع، والإدلاء بأصواتهم لاختيار من يمثلهم في "المجلس الوطني الاتحادي". لقد بدأ المرشحون في انتخابات "المجلس الوطنيّ الاتحاديّ" في مختلف إمارات الدولة حملاتهم الانتخابية بنشاط مكثف لإعلان برامجهم الانتخابية، وتوضيح رؤاهم المختلفة في ما يتعلّق بالقضايا التي تهم المواطنين، وتوضيح الحلول المناسبة لها، ولكن من المهم كذلك أن يتفاعل أفراد المجتمع مع هذه الحملات، وأن يبدوا ملاحظاتهم على برامج المرشّحين المطروحة، ومناقشتهم في آليات تطبيق هذه البرامج، ليس هذا فحسب، بل طرح الأفكار والمقترحات، التي يمكن للمرشحين الاستفادة منها في تطوير برامجهم بصورة كبيرة، فكلّما أحس هؤلاء المرشحون بوجود ناخبين واعين بطبيعة الدّور المفترض أن يقوم به أعضاء "المجلس الوطني"، فإنهم سيكونون حريصين كلّ الحرص على وضع برامج واقعية بعيداً عن التهويل والمبالغة، وقادرين على تنفيذها بصورة تعزّز من مكتسبات المواطنين في المجالات كافة. إن تفاعل أفراد المجتمع مع الحملات الانتخابيّة للمرشحين لاشك أنه ينمي الوعي السياسي لديهم، ويعمّق شعورهم بالمسؤولية المجتمعية، على أساس أنهم مشاركون في صنع مستقبلهم، باعتبارهم المسؤولين عن اختيار من يمثلهم تحت قبة "المجلس الوطني الاتحادي"، وهذا لاشكّ أنه ينسجم مع رؤية قيادتنا الرشيدة لتطوير المشاركة السياسيّة وتعزيزها، بما يتيح للمواطنين التعبير عن آرائهم بكلّ حرية، واختيار من ينوب عنهم في التعبير عن متطلباتهم وتطلعاتهم. إذا كانت "اللجنة الوطنيّة للانتخابات" تقوم بدور مهم في رفع الوعي والتثقيف بالعملية الانتخابية، فإن تحفيز أفراد المجتمع على المشاركة في الانتخابات يتطلّب كذلك انخراط الجهات الأخرى في هذا النشاط، كوسائل الإعلام التي ينبغي أن تقوم بتكثيف برامج التوعية السياسيّة للمواطنين، من خلال تنظيم الندوات وحلقات النقاش، أو تخصيص البرامج التلفزيونية التي تتناول برامج المرشحين والتعليق عليها، كما يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تقوم بدور مهمّ في هذا السياق، من خلال تنظيم دورات تثقيفية لأعضائها، وتوعيتهم بأهمية "المجلس الوطني الاتحادي" كمؤسسة فاعلة تهتم بقضايا الوطن والمواطنين. _____________________ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.