تأزم العلاقات التركية الإسرائيلية... واستمرار الاحتجاجات في الدولة العبرية ------- تقرير "بالمر" الأممي وتدهور العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، والحاجة إلى استئناف المفاوضات في الشرق الأوسط، واحتجاجات الشارع الإسرائيلي ضد الحكومة.. قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. ------- تركيا ليست عدواً هكذا استهلت صحيفة "هآرتس" افتتاحيتها يوم السبت الماضي على خلفية تقرير "بالمر" الصادر مؤخراً حول حادثة أسطول الحرية التي انتهت بمقتل تسعة أتراك وتدهور العلاقات التركية- الإسرائيلية، فحسب الصحيفة حرص التقرير على انتهاج أسلوب متوازن متجنباً الانحياز إلى طرف دون آخر، محملاً بذلك مسؤولية ما جرى للجانبين، فعلى الجانب الإسرائيلي اعتبر التقرير أن الجنود الإسرائيليين الذين اعتلوا سفينة مرمرة قد ارتكبوا عنفاً مفرطاً كانوا في غنى عنه، لكن التدخل في حد ذاته، وفقاً للتقرير، كان مبرراً بالنظر إلى المقاومة التي أبداها النشطاء على ظهر السفينة، غير أن الصحيفة التي أشارت إلى ما خلص إليه التقرير من نفي أي انتهاك للقانون الدولي عندما فرضت إسرائيل حصارها على قطاع غزة، تنتقد في الوقت نفسه فشل التقرير في الإشارة إلى الجوانب الإنسانية والأخلاقية للحصار والحاجة إلى رفعه، وبالنظر إلى الطبيعة المتوازنة التي حرص التقرير على الاتسام بها سارع الطرفان الإسرائيلي والتركي إلى استغلال الأجزاء التي تخدم مصلحتهما لتبرير موقفهما، فقد انتقدت تل أبيب على سبيل المثال عدم تدخل أنقرة منذ البداية لوقف توجه الأسطول إلى غزة، معتبرة ذلك نوعاً من التحريض، فيما ركزت تركيا على التدخل العنيف وغير المبرر للقوات الإسرائيلية فيما السفينة كانت في عرض البحر، وفي جميع الأحوال تدعو الصحيفة الساسة في إسرائيل إلى تجاوز المأزق الحالي في العلاقات بين البلدين، وإلى تقديم اعتذار واضح للأتراك وتعويض عائلات الضحايا، لأن ذلك كله لا يعدو ثمناً بخساً تقدمه إسرائيل للاحتفاظ بعلاقاتها الاستراتيجية مع بلد مهم مثل تركيا. المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية يدعو الصحفي والمعلق الإسرائيلي "شاؤول أرييلي" في مقاله المنشور بـ"هآرتس" يوم الأحد الماضي إلى استئناف المفاوضات المتوقفة بين الفلسطينيين وإسرائيل على خلفية المشاكل الدبلوماسية التي تعرفها الدولة العبرية سواء فيما تعلق بالعلاقات المتأزمة مع تركيا وسحب هذه الأخيرة لسفيرها من تل أبيب، أو ما يجري في العالم العربي من ثورات وتهديدها لاتفاقيات السلام الموقعة مع مصر والأردن، فاستمرار حكومة بنيامين نتنياهو في رفض قيام دولة فلسطينية على أساس حدود 1967 سيعمق الأزمة الدبلوماسية لإسرائيل، لا سيما في ظل المساعي الفلسطينية للحصول على اعتراف أممي وترفيع وضعها الدبلوماسي في الأمم المتحدة، هذه الخطوة يحذر الكاتب أنه قد تتلوها تحركات فلسطينية على الأرض من خلال تسيير مظاهرات عارمة في الضفة الغربية والقدس الشرقية واضطرار القوات الإسرائيلية للتدخل. وفي مثل هذه الحالة يقول الكاتب ستبدو إسرائيل قوة احتلال تقمع شعباً يريد التحرر، الأمر الذي سيصعب من موقف الولايات المتحدة وسيجعلها في وضع حرج، الأكثر من ذلك أن التحركات الفلسطينية قد توازيها في مصر والأردن احتجاجات للتعاطف مع الفلسطينيين، وسيضطر القادة الجدد في القاهرة تحت ضغط الشارع إلى تغيير سياساتهم السابقة تجاه الدولة العبرية وتعريض اتفاقات السلام الموقعة إلى العديد من التساؤلات، لذا يصر الكاتب على استئناف التفاوض مع الفلسطينيين لأنه المدخل الوحيد في ظل الظروف الإقليمية الراهنة القادر على نزع فتيل التوتر والعنف ولجم التداعيات السلبية للاعتراف الأممي القادم بفلسطين كدولة مستقلة، هذا ناهيك، يضيف الكاتب، عن دور المفاوضات في تحسين موقف الولايات المتحدة تجاه الملف النووي الإيراني وقدرتها على حشد التأييد العربي لمواجهته. انتظار أنقرة كان التقرير الأممي الأخير الذي أعده رئيس الحكومة السابق في نيوزيلندا "جيوفري بالمر" بشأن ملابسات حادثة أسطول الحرية فرصة لصحيفة "جيروزاليم بوست" في افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء لانتقاد الجانب التركي وتحمليه مسؤولية العلاقات المتدهورة مع إسرائيل، فقد انتقت الصحيفة بعناية الأجزاء التي تدين الموقف التركي في التقرير مثل تبرير الحصار المفروض على غزة باعتباره "إجراء أمنياً مشروعاً لمنع تهريب الأسلحة إلى غزة عبر البحر، كما أن تنفيذه يحترم مقتضيات القانون الدولي"، بل إن تطبيقه ينسحب حسب ما جاء في التقرير "على أعالي البحار ويمكن استخدام القوة إذا ما أبدت السفينة المعنية أية مقاومة"، وتضيف الصحيفة أن تركيا تتحمل مسؤولية انطلاق أسطول الحرية منذ البداية مستندة مرة أخرى على ما جاء في التقرير من أن أنقرة تساهلت مع المنظمة الإسلامية التي أشرفت على الأسطول، ولم تقم بما يكفي من توعية لتنبيه طاقمها بأخطار الذهاب إلى غزة واحتمال تعرض قوات إسرائيلية للسفينة، ولأن مضامين التقرير كانت واضحة منذ مدة حرصت واشنطن على تأجيل صدوره لبضعة أشهر أملاً في أن يتوصل البلدان إلى مصالحة تنهي الأزمة وتلغي ما جاء في التقرير، لكن تسريب محتوياته إلى صحيفة "نيويورك تايمز" التي نشرت أجزاء منه دفع وزير الخارجية التركية، أحمد داود أوغلو، إلى عقد مؤتمر صحفي سريع للرد على التقرير وإعلان سحب السفير التركي من إسرائيل وتخفيض التمثيل الدبلوماسي بين البلدين إلى المستوى الثاني، ما يدل كما تقول الصحيفة على رغبة تركية في التصعيد، وهو تصعيد تضيف الافتتاحية لن يجدي معه الاعتذار وتعويض العائلات، داعية إلى انتظار تركيا حتى تغير مواقفها. ثورة في إسرائيل تطرق الكاتب والمعلق الإسرائيلي "يائير لابيد" في مقاله المنشور على صفحات "يديعوت أحرنوت" يوم الجمعة الماضي إلى ما تشهده إسرائيل حالياً من موجة احتجاجية تجلت في خروج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الساحة الرئيسية وسط تل أبيت والاعتصام هناك في منظر يذكر بـ"ميدان التحرير" وسط القاهرة، لكن الكاتب الذي تابع مطالب المحتجين ينفي أن يكون ما يحركهم الرغبة في إسقاط النظام، بل الاستياء من مؤسسة الحكم في إسرائيل التي باتت تحابي قطاعات معينة في المجتمع على حساب الطبقة الوسطى. فالحكومة الإسرائيلية لا تتورع عن عقد الصفقات السرية مع جماعات الضغط المختلفة، سواء في القطاع الصناعي، أو لوبيات المستوطنين لتقديم تنازلات، فيما يظل عموم الشعب من مهنيين ومجندين غائبين عن أجندة الحكومة، لذا كان الخروج إلى الشارع ضرورياً بعدما تراجعت القدرة الشرائية للمواطن الإسرائيلي وتغول قطاع رجال الأعمال والمستفيدين على حساب الفئات العريضة للشعب، هذا بالإضافة إلى إدراك الطبقة الوسطى بأن الحكومة لا تستجيب إلا من خلال الضغط والقوة. وما دام المستوطنون ينظمون أنفسهم في إطار هيئات تدافع عنهم وتفاوض الحكومة لتقديم المزيد من التنازلات في شكل تخفيضات ضريبية وإعفاء من الخدمة العسكرية فإن الفئات الأخرى قادرة هي الأخرى على ممارسة الضغط من خلال النزول إلى الشارع لإيصال مطالبها مباشرة إلى أذن السياسي الإسرائيلي دونما الحاجة إلى وسيط، أو جماعة ضغط. إعداد: زهير الكساب