تمثل المرأة في الإمارات جزءاً أساسياً من مشهد الإنجاز الإماراتي في التنمية البشرية، فهي تمثل أحد أهم إنجازاته. ورغم أن مسيرة التعليم في الإمارات بدأت بالذكور أولاً ثم الإناث إلا أن المرأة الإماراتية استطاعت أن تتصدر المشهد التعليمي من ناحية الكم والكيف. وهذا ما فتح أمامها أبواب المشاركة الفاعلة في مسيرة التنمية بالدولة، ولذا تجد أنها تتحمل مسؤوليات كبيرة في قطاعات مختلفة وعلى كافة المستويات بالإضافة إلى مسؤولياتها كزوجة وأم، ورغم ذلك فإننا لا زلنا نجد عند البعض نظرة دونية ظالمة لها تلمسها في بعض الممارسات والمصطلحات الشائعة في المجتمع والتي لا بد من العمل على معالجتها بحكمة وحنكة، لأن القضايا المجتمعية لا يمكن إحداث التغيير المطلوب فيها بقانون أو قرار فقط، بل لا بد من تغيير قناعات الناس حولها، وهذا يحتاج إلى جهد ووقت. وتأتي مناسبة انتخابات المجلس الوطني في هذا الشهر، لكي تمنحنا فرصة لإدراك مدى وعي المجتمع بجميع مكوناته وتقديره لدور المرأة، وذلك من خلال اختيار بعض الكفاءات النسائية للدخول للمجلس الوطني عن طريق الانتخاب وليس التعيين، لأن كونها منتخبة يحمل مدلولاً خاصاً للداخل والخارج بشأن مكانة المرأة في المجتمع الإماراتي بالإضافة إلى أن وجودها بالمجلس، سيؤدي بلا شك إلى إثرائه ومنحه قدرة أكبر في معالجة القضايا المجتمعية، وسيبعث رسالة إلى كل فتاة في الإمارات بأن المرأة شريك فاعل في عملية التنمية وأن أبواب المساهمة في ذلك مفتوحة أمامها إذا هي اجتهدت وتأهلت لذلك، كما أن وجود عنصر نسائي في المجلس الوطني سيساهم في نشر ثقافة مجتمعية تتعلق بأدوار المرأة في المجتمع الإماراتي، والتي لا بد منها لكي تتحول العديد من القوانين والتشريعات إلى ممارسات مألوفة في مجتمعنا. فرغم أن القوانين الخاصة بالمرأة والطفل في الإمارات تعتبر متقدمة بالنسبة إلى محيطنا الإقليمي، فإننا بحاجة إلى تحويل روح هذه القوانين إلى ممارسات سلوكية في حياتنا، لأننا في نهاية الأمر بصدد مسألة تتعلق بأم بحاجة إلى تكريم وزوجة أو أخت واجبنا نحوها التقدير، أو بنت نفتح أمامها أبواب مستقبل مشرق. وفي النهاية كل ذلك يعني مجتمعاً إنسانياً يعيش قيمه، ويمارس سلوكاً حضارياً. ولذا نحن أمام فرصة للقيام بذلك من خلال حسن اختيارنا للعنصر النسائي لدخول المجلس الوطني بانتخاب الكفاءات التي ستكون قدوات ونماذج لغيرهن في المساهمة الفاعلة في مسيرة التنمية في مجتمعنا. وهنا يأتي دور الناخب ومدى وعيه بالمسؤولية الملقاة على عاتقه في هذا الشأن، وأن الأمر لا يتعلق بالمشاركة فقط، بل بالمشاركة الفاعلة والإيجابية لإنجاح هذه التجربة، لأن نجاحها يفتح آفاقاً لتطويرها مما ينعكس على مستقبل هذا الوطن ومسيرة المحافظة على المكتسبات وضمان الإصلاح الذي نريده للأجيال القادمة.