على الرغم من أنه لا يوجد أحد غريب في هذه المعتقلات، ولا يخرج أحد سليم منها إلا أنها شاهد على سجل هؤلاء الطغاة، وما خفي كان أعظم منها تحت الأرض ومنها ستأتي سيرته السيئة السمعة لاحقاً. كانت هذه المعتقلات، وما زالت مليئة بكل من تفوه بكلمة واحدة على هؤلاء الطغاة المستبدين دعاة الديمقراطية والوحدة، وهم أبعد ما يكونون عن ذلك وأقرب إلى سياسة الظلم والتعسف والاستبداد، التي كانوا يحكمون بها تلك الشعوب المقهورة والمغلوبة على أمرها لإرهابهم. والحقيقة أن كلمة الإرهاب مشتقة من تصرفاتهم، والذي غابت عن ذهن من اخترع كلمة الإرهاب فهم سواء. ولكن لا بد للظلم من نهاية، ولا بد للنور بعد الظلام أن يشرق، ولا بد للحرية أن تسود بعد القيود. ولابد للعدل أن ينتشر، ليكشف أمر هؤلاء المتلحفين بشعارات زائفة وثورات مليئة بالظلم والاستبداد والتجويع. إن مقارنة بسيطة يذكرنا بها التاريخ كيف خرج فاروق ملك مصر بكل سهولة وبكل احترام انتهت بعزف السلام الملكي، وهو يصعد على الباخرة مغادراً مصر وبين هؤلاء الذين حرقوا الأخضر واليابس من أجل الكرسي، بلا ضمير وبلا مسؤولية، عاثوا في الأرض فساداً، ولعبوا بمقدرات شعوبهم وملؤوا هذه المعتقلات بالرجال والنساء والأطفال. ولم يتورعوا عن تعذيبهم ليل نهار، ولم تجد أنات هؤلاء الناس صدى في آذانهم اعتماداً على جلاديهم من جلاوزة الأنظمة الفاسدة، إلى أن عصفت ريح الحرية، ثورة الحليم إذا غضب، وكان ما كان، وظهرت حقائق الأمور المخفية طوال هذه السنين العجاف، وظهر الحق وزهق الباطل وهبت نسائم الحرية. هاني سعيد- أبوظبي