هذا وقت بالغ الحرج بالنسبة لأوباما. فلقد خاض الحملة التي جاءت به إلى الرئاسة على أساس برنامج يقوم على تغيير واشنطن، ولكن ما حدث بالفعل، وكما اعترف هو بنفسه، لـ"وولف بليتزر" المذيع المعروف بـ"سي.إن.إن" هو أن الأحوال في العاصمة قد أصبحت أسوأ منذ أن أصبح رئيساً. علاوة على ذلك هبطت شعبيته إلى أدنى معدلاتها على الإطلاق، ما جعل العديد من "الجمهوريين"، وهو ما لا يمثل مفاجأة، يتطلعون إلى إلحاق الهزيمة به في انتخابات 2012 . ومما يجعل شيئًا مثل هذا احتمالًا وارداً هو أن أوباما لا يقوم في الوقت الراهن بالسعي لاكتساب أصوات المستقلين على الرغم من ذلك يعد أمراً غاية في الأهمية خصوصاً إذا عرفنا أن "الديمقراطيين" أنفسهم والأميركيين من أصول أفريقية قد باتوا يبدون تذمراً من أدائه. في صحيفة "وول ستريت جورنال"، رأي "بيجي نونان" كاتب العمود المحافظ أن أوباما" قد ارتكب خطأ كبيراً لأن افتراضاته السياسية الأساسية لم تكن صحيحة، وحساباته كانت خاطئة، ولأن قراراته المهمة قد تحولت إلى هباء عندما تخيل أن حزمة التحفيز الاقتصادي ستساعد على دوران عجلة الاقتصاد. وهو ما لم يتحقق". على جبهة السياسة الخارجية كان قراره الناجح الخاص بتعقب أسامة بن لادن صائباً، ولكنه بدا متردداً غير قادر على الحسم طيلة أحداث "الربيع العربي". ففي سوريا على سبيل المثال تلكأ طويلًا قبل أن يطلب من بشار الأسد التنحي عن الحكم. وفي ليبيا فضل أسلوب"القيادة من الخلف"على حد وصف أحد مساعديه. ويجب في هذا السياق أن نعبر عن شعورنا بالامتنان لأننا لم نخسر أرواحاً أميركية، ولكن السؤال هنا كم من مقاتلي الحرية الليبيين كان يمكن إنقاذ حياتهم لو كانت الولايات المتحدة قد تدخلت منذ بداية الأزمة الليبية بقوة وفعالية. وإذا ظل معدل البطالة بعد عام من الآن على ما هو عليه حالياً، فإن إعادة انتخاب أوباما لشغل فترة رئاسية ثانية قد يصبح مشكلة. وإذا كانت هزيمة أوباما في الانتخابات القادمة تبدو أمراً حتمياً، فهل هناك احتمال لأن يقوم "الديمقراطيون" بترشيح بديل آخر. هناك بالفعل بعض الهمس، ويمكن للمرء أن يسمع اسم هيلاري، وهو يتردد على الألسنة كمرشحة محتملة للرئاسة على الرغم من إنكارها ذلك وتأكيدها أنها ستتقاعد نهاية عام 2012 عندما أثار الصحفيون هذا الموضوع خلال إيجاز صحفي في البيت الأبيض، وعند تناوله في بعض الشبكات التلفزيونية مثل "فوكس نيوز". يلزم التذكير في هذا السياق بأن هيلاري حصلت على مجموع أصوات في الانتخابات التمهيدية عام 2008 أكثر مما حصل أوباما 18,233,120صوتا مقابل 18,011,877، ولكن أوباما تمكن من الحصول على عدد أكبر من أصوات المندوبين الكبار "السوبر" في المراحل اللاحقة من الانتخابات، ما مكنه من حسم الأمر لمصلحته في النهاية. هناك بعض العقبات التي ستعترض طريق حملة كلينتون، فخوض تلك الحملة سوف يتطلب منها بادئ ذي بدء الاستقالة من منصبها كوزيرة للخارجية الأميركية. على الرغم من أن هذه العقبة تبدو محلولة على أساس أن كلينتون نفسها كانت قد صرحت بأنها ستستقيل من منصبها بانتهاء فترة ولاية أوباما الأولى، إلا أنها ستثير من ناحية أخرى سؤالاً هو: هل من اللائق لمرشحة أن تخوض السباق ضد رئيس قد سبق لها العمل ضمن إدارته؟ في الواقع أن هيلاري لن تكون استثناءً في هذه الحالة، وهو ما يتبين إذا عرفنا أن شخصاً مثل "جون هانتسمان جيه. آر" الذي عينه أوباما سفيراً لدى الصين يستعد في الوقت الراهن هو الآخر لإعلان نيته في خوض الحملة الانتخابية الرئاسية القادمة ضد أوباما. وقال"هانتسمان" في معرض تبريره لذلك إنه كان في خدمة منصب رئيس الولايات المتحدة، وليس شخص أوباما في حد ذاته. وبالنسبة لوزيرة الخارجية الأميركية، فلا شك أنها كانت وزيرة خارجية مخلصة لرئيسها في معظم الأحيان وإنْ كانت قد سعت أحياناً لأن تضفي على أدائها قدراً من الإثارة والحماس في عدد من القضايا التي تناولتها بحكم منصبها. في اعتقادي أن المشكلة الرئيسية التي ستواجه كلينتون هي البداية المتأخرة في مواجهة رئيس بدأت حملته الانتخابية بالفعل، وهي حملة ينوي أوباما أن يحشد خلالها ميزانية حرب ذات حجم قياسي. يعني هذا أن هيلاري ستكون أقل من أوباما في شيئين رئيسيين هما: حشد الأعوان والمساعدين، والتمويل. فمن المعروف أن الأصوات التي يتم الحصول عليها في الانتخابات التمهيدية، هي التي تحدد عدد المندوبين الذين سيصوتون والمرشح الذي سيصوتون له في المجمع الحزبي. ولكن ذلك لا يعني أنهم ملزمون قانوناً بالتصويت للمرشح الرابح. فالذي يمكن أن يحدث -نظرياً على الأقل - هو أن"حصاناً أسود" يبرز في المجمع الحزبي "الديمقراطي" إذا ما كانت تقديرات أوباما متدنية للغاية بدرجة تدل على أن إعادة انتخابه تكاد تكون أمراً غير مرجح. على الرغم من أن ترشح هيلاري كلينتون يبدو أمراً غير مقنع من حيث الظاهر على الأقل، فإنه سيكون من دون شك أمراً مفاجئاً إذا لم يقم آل كلينتون بالتفكير جدياً في احتمال فوز هيلاري بالرئاسة، التي أفلتت منها من قبل بفارق طفيف للغاية. --------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"