رمضان شهر فرضه الله على المسلمين وعلى من كان قبلهم لهدف واحد محدد بنص القرآن الكريم، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون". فالهدف محدد ألا وهو التقوى، تلك السمة التي تجعل الإنسان عبداً فعلياً لخالقه سبحانه وتعالى. هذه العبودية تتلخص في أداء ما أمر الله به المؤمن من عقيدة وعبادة وأخلاق ومعاملة. ومحاولة الابتعاد عن ما نهى الله عنه وبالذات كبائر الأمور. وكذلك المنهج واضح في معالمه، حيث يتلخص في الصيام من طلوع الفجر إلى مغيب الشمس، وصلاة التراويح إضافة إلى الصلاوات الأخرى، وزكاة الفطر وتلاوة القرآن الكريم وغير ذلك من العبادات. بعد العيد يتبين للمسلم إنْ كان نجح في مدرسة رمضان أم هو من الراسبين. وتتجلى هذه المعرفة في اختبار ذاتي يبدأ في حقيقته من أول أيام العيد، فما الجديد الذي أضافه رمضان في حياتك؟ هل أصبحت محباً للعبادات المختلفة والمتنوعة التي هي في حقيقتها رحمة من الله بعباده المؤمنين؟ هل أصبحت في شوق لأداء الصلاة وشعارك في هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم "ارحنا بها يابلال"، أم أنك تشعر أن الصلاة حمل ثقيل تود التخلص منه أو أداءه بأية صورة كي تزيل عنك إثم ترك الصلاة، أم أنك هجرت الصلاة كما هو حال البعض الذي لا يصلي إلا في رمضان؟ إنها علامات واضحة في مدى نجاحك في رمضان أو فشلك فيه، هذا من جانب العبادة وضربنا مثلاً على ذلك بالصلاة، وربما مثل آخر في نفس المجال يتلخص في علاقتك بالقرآن الكريم، الذي سميته في مقال آخر رسالة من حبيب. هل أنت من الناس الذين يقولون للقرآن وداعاً وإلى لقاء في رمضان القادم، إنْ كنت كذلك فقدر نجاحك في رمضان هذا العام. من جانب آخر، فإن الله تعالى نهانا عن أمور نعرفها بالمحرمات، كشرب الخمر والربا والزنا والظلم وغير ذلك من الأمور المحرمة علينا كمسلمين. هل عادت حليمة لعاداتها القديمة بعد رمضان، هل ما امتنع عنه المسلم خلال رمضان من محرمات لم يستطع التوقف عنها بعد رمضان. ففي رمضان كنا نمتنع عن المباحات خلال فترة الصوم لتدريب النفس البشرية القادرة بكل تأكيد على ترك المحرمات في رمضان وبعده. ففي علم التربية والدورات التدريبية التي تعقد للموظفين يقومون بدراسة أثر الدورة على الموظف في حياته المهنية، فإنْ لم يجدوا تغيراً إيجابياً في حياة الموظف، يرجعون ذلك إما لخلل في الدورة، أو أن الموظف لم يحقق شروطها ومنهجها كما ينبغي، مع الصوم لا نستطيع أن نقول بوجود خلل في المنهج لأنه من عند الله، ولكن ربما كان الخلل في الإنسان نفسه، الذي أدى الصيام كعادة وليس كعبادة، مثل التلميذ الذي يذهب للمدرسة لأن التلاميذ يذهبون لها لكنه لا ينتبه في الحصة ولا يذاكر دروسه بانتظام، فهل نتوقع منه النجاح، السنة كلها ميدان لاختبار الإنسان نفسه، فابحث خلالها عن عوامل فشلك، وتخلص منها تكن من الناجحين في رمضان.