الباحث الإنجليزي داود بيتكوك وصل إلى نفس النتيجة التي وصل إليها ريتشارد فيرلي الذي أسلم بعد أن استوقفته ثلاث آيات قرآنية قال عنها إنها فتحت له طريق النور والهداية، حيث نجد أن بيتكوك وهو يبحث في موضوع الأديان أهدى له أحد أصدقائه ترجمة لمعاني القرآن الكريم بالإنجليزية، وبعد أن قرأها توقف عند قول الله تعالى في سورة القمر: "اقتربت الساعة وانشق القمر"، وتساءل في دهشة: هل ينشق القمر؟ ثم أقفل المصحف ولم يفتحه ثانية. وظل هذا السؤال يحيره. وحسب كتاب نماذج حية من المهتدين، للحسيني، فإن بيتكوك شاهد ذات يوم قناة "بي. بي. سي" البريطانية وهي تعرض برنامجاً حواريّاً مع ثلاثة من العلماء الأميركيين المتخصصين في علم الفضاء، وكان المذيع يعتب عليهم بسبب إنفاق أميركا المليارات في مشاريع غزو الفضاء في الوقت الذي يتضور فيه الملايين من الفقراء جوعاً، فظل العلماء يبررون ذلك بحجج مختلفة إلى أن جاء ذكر أكبر الرحلات تكلفة، وهي الرحلة إلى القمر التي كلفت حوالي 100 مليار دولار، فسألهم المذيع، تنفقون هذا المبلغ لكي تضعوا فقط علم أميركا على سطح القمر؟ فرد العلماء بأنهم كانوا يدرسون التركيب الداخلي للقمر لكي يروا مدى تشابهه مع الأرض، ثم قال أحدهم، فوجئنا بأمر عجيب هو حزام من الصخور المتحولة يقطع القمر من سطحه إلى جوفه، فأعطينا هذه المعلومات إلى الجيولوجيين فتعجبوا وقرروا أنه لا يمكن أن يحدث ذلك إلا أن يكون القمر قد انشق في يوم من الأيام ثم التحم، وأن تكون هذه الصخور المتحولة ناتجة عن الاصطدام لحظة الالتحام. وعند هذه النقطة من الحديث، قفز بيتكوك من مقعده وهتف معجزة حدثت لمحمد صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من 1400 سنة في قلب البادية، يسخر الله الأميركيين لكي ينفقوا عليها مليارات الدولارات حتى يثبتوها للمسلمين، أكيد أن هذا الدين حق، فأعلن مباشرة إسلامه. وهذا النهج سار عليه كثيرون ممن دخلوا الإسلام باختلاف ألوانهم ومعارفهم وشرائحهم ومواقفهم الاجتماعية والوظيفية. والميزة الجوهرية التي جمعت هذا العدد الكبير من معتنقي الإسلام في العالم وميزتهم خاصة من لهم قدرة عالية على الفهم والفكر والبصيرة، ليست فقط تأثرهم البالغ بالإسلام وانجذابهم الجارف نحوه والثبات عليه والتعلق بتعاليمه، بل نشره والدفاع عنه، كما فعل كثيرون منهم، وعلى سبيل المثال البروفيسور البريطاني إدريس توفيق الذي تحول من المسيحية إلى الإسلام واستطاع في فترة قصيرة -عشر سنوات- خدمة الدعوة الإسلامية بشكل كبير وتغيير النظرة الخاطئة عن الإسلام في أغلب الجامعات العالمية، وقد أسلم على يديه كثيرون. وأيضاً تعاملهم مع الإسلام وكأنهم في بداية الدعوة الإسلامية مثلما كان يتعامل المسلمون الأوائل في مكة المكرمة والمدينة المنورة وبحثهم الشديد من خلاله عن السعادة النفسية والسلام الاجتماعي والإشباع الروحي المفقود في داخلهم، خاصة الغرب، نتيجة السطو الشديد للحضارة المادية في الغرب التي كان لها الأثر الشديد في دخولهم الإسلام بقوة وكثرة. وقد حدد معالم هذه الحالة بدقة المفكر الإسلامي النمساوي محمد أسد الذي هجر يهوديته واعتنق الإسلام عام 1926، وكان لفكره دور مؤثر في الحياة الإسلامية عندما وصف في كتابه، "الطريق إلى مكة"، هذه السطوة المادية بأنها "ديانة جديدة" ووصفها تحت اسم "عبادة التقدم المادي"، واصفاً معابد تلك الديانة بأنها تتمثل في المصانع الكبرى ودور السينما ومعامل الكيمياء وصالات الرقص والأعمال الهيدروكهربائية، أما قساوستها -حسب تشبيهه- فرجال المال والبنوك والسياسة والمهندسون ونجوم السينما ورجال الإحصاء ورجال الصناعة، ومع ظهور هذه الديانة العجيبة تفشى الانهيار الأخلاقي في كل مكان، وبرزت خلافات عميقة حول معنى الخير والشر، وخضعت القضايا الاجتماعية والاقتصادية لقاعدة السرعة. وقد أدى هذا بالضرورة إلى انشقاق في المجتمعات وتصادم بين الأفراد حيثما تعارضت المصالح والأهواء، وفي المجال الثقافي تربعت النفعية المطلقة على عرش الفكر الأوروبي وأصبح المقياس الوحيد للحق والباطل هو النجاح المادي. Summary