ما كشفه معالي حميد القطامي، وزير التربية والتعليم، مؤخراً، عن اعتزام الوزارة توفير مستلزمات الطلبة من ذوي الإعاقات في 60% من المدارس الحكومية خلال السنوات الثلاث المقبلة يعدّ توجّهاً تربويّاً مهمّاً، يعكس الاهتمام الذي توليه الدولة لهذه الفئة، والعمل على إدماجها في المجتمع. والواقع أن دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في مدارس الدولة المختلفة بات يشكّل أولوية متقدّمة في سياسة التطوير التي تنتهجها وزارة التربية والتعليم للارتقاء بمنظومة التعليم في الدولة، من أجل تحويل شعار "المدرسة للجميع" إلى واقع ملموس، وبالفعل قطعت الوزارة شوطاً كبيراً نحو إدماج هذه الفئة، واتخذت خطوات مهمّة عدّة راعت فيها الظروف المحيطة بهذه الفئة والاستجابة لمتطلّباتها واحتياجاتها حتى تكون قادرة على التكيّف مع أقرانها من الطلاب، إذ تعمل على تهيئة المجتمع المدرسي بوجه عام للإسهام في عملية استيعاب المزيد من ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك من خلال تجهيز المرافق التربوية والخدمية الملائمة، ووسائل التعليم المناسبة لظروف هؤلاء الطلبة، وتنفيذ مجموعة من البرامج التدريبية المتطوّرة التي تشمل العناصر البشرية العاملة في المدارس المختلفة، وقامت بابتعاث مجموعة من المدرّسين إلى الولايات المتحدة للدراسة والتدريب وفق أفضل البرامج المتخصّصة لذوي الاحتياجات الخاصة، هذا في الوقت الذي طرحت فيه "جامعة أبوظبي" برنامج الماجستير في التربية الخاصة بهدف رفد قطاع التعليم بمعلمين متخصّصين في تعليم الأطفال ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة على مختلف أنواعها، وسيوفر البرنامج للملتحقين به خبرات عملية تتعلّق بالتربية الخاصة بما في ذلك خدمات التعامل مع أهالي هؤلاء الأطفال، وتوجيههم نحو كيفيّة التعامل معهم بالشكل الذي يسهم في تنمية قدراتهم ومهاراتهم. إن التوجّه نحو دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في مدارس الدولة المختلفة، علاوة على أبعاده التربوية المهمّة، فإنه أمر ينطوي على العديد من المردودات الاجتماعية الإيجابية التي تنعكس على هؤلاء، حيث يسهم في تنمية الكفاءة الاجتماعية لديهم، بغرس السلوكيات الطيبة للتفاعل وبناء علاقات مع الآخرين وتحقيق التوافق الاجتماعي والاندماج في المجتمع؛ ما يمنحهم شعوراً بالاحترام والتقدير والمودّة والتفاهم والثقة بالنفس ويقلّل من إحساسهم بالعزلة والعجز، وهذا يصبّ في تعزيز الجانب الاجتماعي للتنمية، المتمثل في إيجاد مجتمع إيجابي ومتوازن ومستقر، يضمن مشاركة كل قواه وعناصره في صناعة التنمية والاستفادة من مكاسبها وثمراتها في الوقت نفسه، وتعميق القيم التي توجد منظومة صحية من التفاعلات والعلاقات بين قوى المجتمع وفئاته المختلفة، لأن التنمية المجتمعية أو الاجتماعية الصحية هي تلك التي تركّز على تحفيز قوى المجتمع المختلفة على المشاركة والإنتاج، والاهتمام بالشرائح التي لها ظروف خاصة مثل ذوي الاحتياجات الخاصة، والسعي إلى دمجهم في الإطار المجتمعي الأوسع، باعتبارهم شركاء أساسيين وفاعلين في نهضة المجتمع وتطوّره. إن التوجّه نحو دمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة في مدارس الدولة يعكس جانباً مهمّاً من جوانب الرعاية التي تقدّمها الدولة لذوي الاحتياجات الخاصة، التي تتعدّد لتشمل مظاهر الحياة المختلفة كافة، وتترجم عمليّاً في شكل مبادرات لتطوير مهاراتهم وقدراتهم المختلفة، ليصبحوا فئة منتجة ومندمجة في النسيج الاجتماعي، فشرعت لهم منافذ العمل والتعلم، وقامت بإنشاء مؤسسات خاصة لرعايتهم، ما جعل إنجازات كبيرة تتحقق لهذه الفئة، التي أصبحت بالفعل تشارك في حركة تنمية المجتمع وتطوّره على المستويات كافة.