لقد حصلت أحياناً أخطاء كبرى في عدم الثقة بأداء المواطن الخليجي في العمل، وإنشاء مؤسسات -خصوصاً في مجال الإعلام والتعليم- يكون "البعض" من مديريها والمتنفذين فيها من العرب والأجانب، الذين لا يهمّهم أن يتلقى المواطن الخدمة الملائمة قدر اهتمامهم بالتركّز في المناصب، وجلب أقربائهم إلى المنطقة، والتمتع بالرواتب العالية والمخصصات والسكن الراقي والتذاكر الصيفية والعلاج المجاني والتعليم المجاني لأبنائهم. وقد حصلت تجاوزات من بعض هؤلاء المديرين الوافدين -الذين يعطونهم الخيط والمخيط- تم اكتشافها بعد أن "طارت الطيور بأرزاقها"، وهرب بعضهم، أو تم تسفير البعض الآخر، ولكن بعد أن عاثوا فساداً في الأجهزة التي كانوا يعملون بها. إن دول الخليج تتعرض حاليّاً لأزمة استلاب اجتماعي وثقافي واقتصادي! ولابد من إعادة النظر في السياسات الحالية. نقول: لابد من إعادة النظر في قضية التوازن الديموغرافي، لأن هذا الخلط أو التباهي بعدد السكان، سيخلق مشاكل عديدة في المستقبل. كما أن تحييد المواطنين وتحجيم استفادتهم من مرافق أوطانهم سيؤدي إلى مشاكل مستقبلية، ولربما التفكير في الهجرة إلى خارج المنطقة! ولكن أين يذهب المواطن الخليجي؟! وهل ستستقبله مصر أو سوريا أو فلسطين أو لبنان أو ليبيا أو موريتانيا أو دارفور أو جنوب السودان أو الفلبين؟! أين يذهب المواطن الخليجي الذي تعوّد على العز والرخاء و"الرزّة" والتواؤم الوطيد بينه وبين قيادته، تماماً كما تعود على النظام والأمن والأخوية العفوية والتآزر بينه وبين أخيه المواطن. لقد نادى مواطنون صالحون من أبناء المنطقة بضرورة إعادة النظر في قضية التدفق غير المقنن للوافدين إلى المنطقة، وحريٌ بأصحاب القرار التجاوب مع تلك المناداة. إن الأرض لن تصلح إلا بمواطنيها، والمواطن حريص على أمن وسلامة الوطن أكثر من غيره. واستعيدوا مشاهد احتلال الكويت، ومن بقي فيها عام 1990! إن أبناء المنطقة ليس لهم مكان يهاجرون إليه، فهم عدة الوطن وسنده وروحه وهم ثروته الأساسية كما تقول الدساتير. والقضية الرابعة في مسألة النتائج السلبية لفتح بلدان المنطقة هي سوء استخدام الوافدين للمرافق العامة خصوصاً المرور والأمن! وتلك مسألة مؤرقة. فنحن نشاهد عمالاً قد جُلبوا من مناطق عربية "بدائية" كعمال أو مُضمرين للجمال، وبعد أسبوعين يتم إعطاؤهم سيارات فارهة يسوقون بها في شوارع المنطقة دون أن يَعوا قوانين المرور -لأنهم يفتقدونها في بلدانهم بل ولا يحترمونها- كما أن بعضهم يسوق بعقلية راكب الدابة-حيث وجد نفسه فجأة، من صحراء قاحلة يسوق سيارة دفع رباعي في شارع سريع، دون أن يعرف ما هو تفسير الخط غير المُقطع أو احترازات التحوّل في المسارات من اليمين إلى الشمال والعكس، بل إن بعضهم يتجاوز ثلاثين سيارة تريد الانعطاف نحو اليسار عند الإشارات ليدخل عنوة إلى اليسار دون احترام كل السيارات الواقفة ويربك السير. كما أن بعضهم، ممن تعوّد على الفوضى في السياقة، لو أشرت إليه بأنه أخطأ في ذاك الانعطاف، قد يقوم بتوجيه إشارة، تدل على سوء سلوك، لأنه يستخدمها في بلده، ونحن لم نعرفها قط في المنطقة! واستتباعاً لذلك، برزت ظواهر اجتماعية غير لائقة أحرجت المواطن الخليجي المحافظ! فكم من الوافدين الآسيويين يفتحون باب السيارة ويبصقون في الأرض دون مراعاة لشعور الآخرين! وبعض العرب أيضاً يرمون أعقاب سجائرهم أو رماد السيجارة من السيارة لتصطدم بالسيارة التي تليها، دونما احترام لبقية البشر! وكم من الأجانب لا يحترمون قدسية شهر رمضان الكريم. ولقد شاهدت بأم عيني بائعة آسيوية في أحد "المولات" تشرب ظهراً الماء في رمضان الفائت! وأخبرتُ عنها أحد جامعي الزكاة في المكان! ناهيك عن الملابس غير اللائقة التي نشاهدها على الرجال والنساء معاً! بل إن بعض العربيات قد شوّهن اللباس الخليجي، حيث يلبسن العباءة والشيلة ، وهذا يسبب الخلط بينهن وبين المواطِنة الخليجية! وقضية الأمن من القضايا المهمة، ونحن لا نمتلك سجلات لهذا الموضوع، ولكن بيانات المحاكم التي تنشرها الصحف المحلية في المنطقة تثبت حجم قضايا الاختلاس والتزوير والمخالفات التجارية والحوادث المرورية والقضايا الأخلاقية التي يأتي بها الوافدون، مقارنة بالمواطنين الذين يشكلون أقلية. لقد أشار الزميل محمد إبراهيم الحسن المهندي في (صحيفة "الشرق" 24/7/2011) إلى موضوع "التضخم وارتفاع أسعار العقارات وجرائم النصب والاحتيال من بعض الإخوة العرب خصوصاً في مجالات العقارات والمقاولات والنقليات، وكم من مواطن قطري يقبع في السجن بسبب القرين العربي الذي ورطه؟!". ناهيك عن تزوير العملة وجلب المخدرات التي اكتشفتها الجهات الأمنية وكتبت عنها الصحف. ولقد تورّطت أنا شخصيّاً مع مقاول عربي يكفله مواطن قام بعمل صيانة للمنزل، حيث ركّب البلاط في حوش المنزل وأغلق الـ"مين هولات" الأربع، ولم يتقن تركيب الحمامات والدوشات! والسبب هو تدني كفاءة ذلك المقاول واستناده إلى كفيل قطري! هل يذهب المواطن إلى المحاكم و"يدوش رأسه" بتلك القضايا الشائكة! لقد كان المجتمع الخليجي خاليّاً من هذه الظواهر في السبعينيات والثمانينيات، أما اليوم، فالقضية أصبحت بحاجة لمواجهة وعلاج. ولذا فإننا نحتاج إلى تدعيم ثقة مؤسسات الدولة في المواطن! ونحتاج إلى وضع خطط لراحة ورفاهية المواطن بعيداً عن التوترات والمضايقات التي يلقاها نتيجة الازدحام والتكالب التي لم يتعود عليها المواطن الخليجي، لأن البعض يرى أن هذه فرصة ويجب اقتناصها قبل أن تتغير القوانين! ونحن مع الوافدين الذين يؤدون أدوارهم الجليلة في قضية التنمية في الخليج، ولكننا ضد الأعداد المليونية غير القادرة على التعامل مع مرحلة التنمية، وهي التي تضع العصا في دولاب التنمية، وتربك المؤسسات. وهذا يحتاج إلى قوانين جديدة للوافدين تحدّد نوعية الموظف الذي نحتاجه، وكيفية سلوك هذا الموظف في المؤسسة حتى لو كان مديراً! يجب إيقاف جلب العمالة العشوائية من القرى العربية المتخلفة لأنها تخلق مشاكل في المنطقة وتجهد الأجهزة الأمنية والطبية وتسيء استخدام مقدرات المنطقة.