تسبّبت ظروف عدم الاستقرار السياسي والأمني، الذي تشهده بعض دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الوقت الحالي، في عزوف نسبة كبيرة من السيّاح عن القدوم إلى المنطقة هذا العام، أو التحرّك بين دولها، ما أدى إلى تراجع أعداد السيّاح بنحو 12% خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو تراجع كبير للغاية، خاصة بما حدث من نمو ملحوظ في أعداد السيّاح في باقي مناطق العالم، وقد وصل هذا النمو في بعض المناطق إلى مستويات استثنائية كما هي الحال في قارة أميركا الجنوبية ومنطقة جنوب شرق آسيا اللتين استقبلتا أعداداً من السيّاح تزيد على ما استقبلتاه خلال الفترة نفسها من العام الماضي بنحو 17% و14% على الترتيب، وفقاً لبيانات "منظمة السياحة العالمية". على النقيض ممّا حدث في مجمل القطاع السياحي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من تراجع خلال النصف الأول من العام فقد شهدت بعض الدول والبلدان أداءً معاكساً، وكانت دولة الإمارات على رأس هذه الدول القليلة، ما حدا بـ"منظمة السياحة العالمية" للإشادة بدور دولة الإمارات في قيادة الحراك السياحي في المنطقة، وكان من مؤشرات النمو السياحي في دولة الإمارات خلال الفترة الماضية أن ارتفع معدل الإشغال الفندقي في الدولة إلى نحو 66.6%، بارتفاع يقدّر بنحو 3.1% خلال شهر مايو الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وكانت نسبة الارتفاع الأعلى في نسب الإشغال الفندقي في المنطقة من نصيب إمارة أبوظبي، التي حقّقت نموّاً يقدّر بنحو 17.4%، وكان ذلك في وقت تراجع فيه معدل الإشغال الفندقي على مستوى دول المنطقة كلها بنحو 12.5%. إن الأداء الإيجابي لقطاع السياحة الإماراتي خلال النصف الأول من العام جعل من دولة الإمارات وجهة سياحية بل وجزيرة سياحية مزدهرة في محيط سياحي إقليمي متلاطم الأمواج، تشوبه حالة من عدم الاستقرار العميق يصعب بناء توقعات بشأن مقدرة دول المنطقة التغلب عليها في المستقبل القريب، ويعود هذا الأداء المتميز لدولة الإمارات إلى حالة الاستقرار الأمني والسياسي الذي تعيشه، ما أضاف لها نقطة بيضاء إضافية في سجّلها السياحي المتميز، الذي يزخر بالعديد من النقاط البيضاء الأخرى، بداية بتمتّعه بإمكانات وخيارات سياحية متنوّعة ومتطورة، مروراً بالبنية التحتية والتكنولوجية المتطورة التي توفّر خدمات ومرافق متميزة تجعل الإقامة في الدولة بمنزلة التجربة الجذابة للسياح، كل ذلك إلى جانب المرافق السياحية المتعدّدة التي تمتلكها الدولة، والتي تشهد نموّاً مطّرداً في ظل الاستثمارات التي تضخّها الدولة في القطاع أيضاً، وهناك مؤشرات ذات دلالات كبيرة في هذا الشأن، أهمها حجم النمو الكبير في المرافق الفندقية في الدولة، وقد جاءت دولة الإمارات في المرتبة الأولى على مستوى المنطقة، وفقاً لمؤشر الغرف الفندقية المزمع إنشاؤها، الذي ارتفع بنحو 60% في شهر مايو الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، كما تستحوذ الدولة على ما يقرب من نحو 40% من مجمل الغرف الفندقية المزمع إنشاؤها في المنطقة كلها، وهي مؤشرات ذات دلالة نوعية في ما يتعلق بمستقبل القطاع السياحي الإماراتي وبفرص نموه وتفوقه على المستوى الإقليمي خلال السنوات المقبلة أيضاً، ومن المرجّح أن يستمر هذا التفوق لسنوات عدة في المستقبل، بحسب ما يؤكد الخبراء والمتخصصون. ـــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.