الصيف الحالي لم يجلب معه تعزيزاً لعمليات التغير السياسي في شمال أفريقيا. والمشهد السياسي في كل من مصر وتونس متقلب للغاية. ورغم أنه لم يبق هناك سوى أشهر قليلة على بدء الانتخابات الحاسمة في البلدين، فإن عملية تحديد من وما الذي يمكن أن يضمن أن تؤدي الانتخابات إلى توسيع الطريق نحو نظام ديمقراطي راسخ، لم تبدأ بعد، بل لا تزال الإجابات عن هذين السؤالين أبعد ما تكون عن اليقين. الموقف بشكل عام بما واجهته دول وسط أوروبا خلال عام 1989. ووجه الاختلاف الوحيد هو أنه بينما لم يتأخر قادة دول غرب أوروبا عن تقديم رؤية جديدة حول التغير السياسي في وسط أوروبا آنذاك، فإنهم في عام 2011 اكتفوا باتخاذ خطوات خرقاء لا تجدي نفعاً في تحقيق مردودات ديمقراطية حقيقية لعملية الحراك الشعبي في شمال أفريقيا. إن التحول الديمقراطي في وسط أوروبا عام 1989 وفي شمال أفريقيا اليوم يشتركان في سمة مهمة. فالنظم السلطوية في المنطقتين كانت مرتبطة بأحلاف جيوبوليتيكية: فالمساعدات الخارجية التي كانت تقدم لتلك الأنظمة القمعية كان ينظر إليها على أنها ضرورية لإدامة الاستقرار الإقليمي، وأن محاولة تغييرها قد تهز ذلك الاستقرار. يمكن القول إذن إن القوى الديمقراطية في وسط أوروبا عام 1989، ومثيلتها في شمال أفريقيا عام 2011، واجهت مشكلة مزدوجة إذ وجدت نفسها تتحدى قواعد اللعبة المحلية القاضية بالإبقاء على حكم تلك الأنظمة السلطوية، كما تتحدى في الوقت نفسه قواعد اللعبة الإقليمية الرامية هي الأخرى لإدامة تلك الأنظمة. ليس هذا فحسب، بل إن تلك القوى الخارجية قد وجدت أيضاً أن تغيير ركائز اللعبة الإقليمية، يهدد اللاعبين الخارجيين أنفسهم، والذين كانوا يعتبرون المحافظة على الوضع الواقع خير ضمانة للمحافظة على مصالحهم . كانت تلك أبرز نقاط الشبه بين الحراكين الديمقراطيين في المنطقتين، أما أبرز نواحي الاختلاف بينهما: فهو أنه بينما سارع قادة دول غرب أوروبا لدعم الحراك في وسط قارتهم، فقد تلكؤوا في دعم الحراك الشمال أفريقي مكتفين باتخاذ خطوات بدت خرقاء للغاية. ومن تلك الخطوات على سبيل المثال تقديم المساعدات المالية للحكومات المؤقتة في المنطقة، قبل تدشين النظام الديمقراطي، وهو ما يمكن أن يؤدي لتعزيز قبضة القوى القمعية التي تم إسقاطها شكلياً من السلطة. ونظراً لأن موقف الولايات المتحدة الأميركية يعد فارقاً في هذا السياق، فإننا نقول إنه إذا ما كان أوباما يريد دعم الديمقراطية في شمال أفريقيا حقاً، فعليه حالياً أن يفعل ذلك: فهو يمكن أن يزور القاهرة مجدداً، كما يمكن أن يتحدث مباشرة لشعوب المنطقة، ويمكن أن يقدم رؤية متماسكة للشرق الأوسط، فالزمن الذي كان يتم فيه تقديم الديكتاتوريات على أنها المدافعة عن الحضارة الغربية قد ولّى، وجاء الوقت الذي تعتبر فيه مساعدة العالم العربي، سياسة استراتيجية لدعم جميع الديمقراطيات في المنطقة. لازلو برازت رئيس قسم السياسة بالجامعة الأوروبية في فلورنسا ديفيد ستارك أستاذ الاجتماع في جامعة كولومبيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"