أتفق تمام الاتفاق مع الرأي الذي تبناه ودافع عنه الدكتور حسن حنفي في مقالته هنا ليوم السبت الماضي، "الإسلام والدولة المدنية"، وذلك حين أوضح، وعلى نحو لا لبس فيه، أن الجدل الدائر كل يوم حول الدولة الدينية والدولة المدنية هو جدل يفرق ولا يجمع، يقدم ولا يؤخر، علاوة على ما يثيره من فتن وضغائن وما يولده من أحقاد لا طائل من ورائها. ثم إن هذا الجدل الذي يبدد طاقات كثيرة ويحرف الاهتمام العام عما ينبغي أن يكون محل تركيز وانشغال، ليس له ما يبرره أو يدعو إلى إثارته في الواقع العربي، بل هو بالأساس جدل مستورد حول إشكالية لا وجود لها أو حتى لما يماثلها في التاريخ والتراث العربيين. فالجميع يعلم أنه لا وجود للدولة الدينية في الإسلام، وأن الدولة طوال التاريخ العربي كانت دولة مدنية حتى وإن لم تكن ديمقراطية تستمد مصدر مشروعيتها من الشعب. لذا فإن نقاشاً كهذا هو إهدار للجهد فيما لا يلزم، وإثارة للخلاف حول ما لا يستحق الخلاف، لأنه غير مطروح ولا مطلوب أساساً. عايد سعيد -القاهرة