أعتقد أن خطاب تكليف حكومة شرف المعدلة بناء على مطالبات الجماهير والذي ألقاه المشير حسين طنطاوي يوم الخميس الماضي قد وضع مؤشر البوصلة الجماهيرية والسياسية على اتجاه الاستقرار. لقد انعكس هذا على حالة "ميدان التحرير" في اليوم التالي مباشرة، حيث فضلت الجماهير الواسعة والقوى الإسلامية عدم المشاركة فيما أسماه بعض التنظيمات بجمعة الحسم. التكليفات قد نبعت من المطالب الجماهيرية التي دفعتها المظاهرة المليونية في ميدان التحرير يوم 8 يوليو الجاري وجاءت في مناسبة بدء عمل الحكومة التي تم فيها تغيير أربعة عشر وزيراً. من المفهوم بداهة أنه لا يمكننا توقع تنفيذ التكليفات بين غمضة عين وانتباهاتها، وبالتالي فقد وجدت الغالبية من القوى ضرورة إعطاء الفرصة ومراقبة جدية التنفيذ في حين فضل البعض القليل مواصلة التظاهر والاعتصام. في تقديري أن أداء وزراء الحكومة الجدد إذا جاء جاداً في تنفيذ التكليفات، فإنه سيكون كفيلاً بإقناع البقية الباقية بأنه لم تعد هناك ضرورة للتظاهر والاعتصام. لقد شملت التكليفات استعادة الأمن والهدوء والاستقرار ومواجهة أية محاولة للعبث بأمن البلاد وتهيئة البلاد لإجراء الانتخابات الديموقراطية، وإعداد الدستور الجديد والتصدي بكل حزم للفساد والمفسدين. هذا بالإضافة إلى تكليفات اقتصادية تشمل سرعة صرف التعويضات لأسر الشهداء في مدة أقصاها شهر وتقديم كل الرعاية الصحية والاجتماعية للمصابين وأسرهم ووضع السياسات المالية والاقتصادية التي تحقق العدالة الاجتماعية والسيطرة على الأسعار ودعم إسكان محدودي الدخل. هذه الحزمة من التكليفات تخاطب اهتمام كافة القوى المصرية، وإذا أضفنا إليها تكليف في المجال القانوني بمساندة الأجهزة القضائية المختصة لتمكينها من أداء مهامها وبما يضمن حصول الدولة على حقوقها وفقاً لما تتطلبه التشريعات الوطنية والدولية لاكتشفنا أن الحكومة مكلفة بإعداد التشريعات اللازمة لتحقيق العدالة الناجزة التي يطالب بها الشعب لمحاكمة المفسدين السياسيين، والتي لا تكفي القوانين الحالية لتوجيه الاتهام لهم وكذلك إيجاد البيئة القانونية المناسبة لمحاكمة عادلة وناجزة لقتلة الثوار. في تقديري أن الاستمرار في ممارسة الضغوط بواسطة الاعتصامات والمظاهرات سيربك أداء الحكومة ولن يعطيها المناخ المناسب لتلبية المطالب الشعبية التي تمت الاستجابة لها بإصدار التكليفات المذكورة وغيرها. وإنني واثق أن الأسابيع القادمة ستسجل حالة تراجع للاعتصامات والمظاهرات مع ظهور النتائج العملية لهذه التكليفات في أداء الوزراء وحياة المصريين المعاشة بما يمكن لحالة الاستقرار في مصر.