أُجري قبل بضعة أيام في الولايات المتحدة أول نقاش عبر موقع "تويتر" للمدونات الصغيرة تناول مجمل القضايا التي تطغى على اهتمام الرأي العام سواء تعلق الأمر بمشكلة الديون، أو بمواقف كل مرشح رئاسي إزاء الإدارة الحالية. ويبدو أن النقاش الذي أشرفت عليه محطة إذاعية تابعة للتيار اليميني المعروف بـ"حفلة الشاي" استطاع استقطاب اهتمام واسع من الجمهور الذي شارك بكثافة من خلال الرسائل القصيرة التي بعث بها. كما أن المرشحين الستة للانتخابات التمهيدية في الحزب "الجمهوري"، أكدوا درايتهم بالوسيلة الجديدة التي من بين شروطها بعث رسائل نصية لا تتجاوز 140 حرفاً، وعلى مدار الحوار الذي دار على شاشة الكمبيوتر ونُقل إلى الجمهور عبر شاشات كبيرة فاق عدد المشاركين والمنخرطين في النقاش توقعات المشرفين على العملية، بحيث وصل عدد الرسائل إلى 180 رسالة في الدقيقة، وعندما انتهى الحوار على "التويتر" كان عدد الرسائل قد بلغ حوالي 4500 رسالة بعث بها المشتركون في "تويتر". لكن رغم الفرصة الجديدة وغير المسبوقة التي أتاحها الموقع للناخبين للاستفسار مباشرة من المرشحين "الجمهوريين" عن مواقفهم تجاه القضايا التي تشغل الرأي العام، فإن العديد من المشاركين في النقاش عبروا عن عدم كفاية الموقع في بسط الآراء والدخول في التفاصيل بسبب طبيعيته الموجزة والمقتضبة التي تفرض عددًا محدوداً من الكلمات، هذا بالإضافة إلى سطحية الموضوعات بما أن العمق يتطلب تفاصيل أكبر، هذا العائق الذي يمثله "تويتر" أمام الإسهاب في الشرح والتفصيل يوضحه "بيل هانا"، الذي تابع النقاش عبر الشاشات الكبرى التي نقلت رسائل "تويتر" بين المرشحين والناخبين قائلاً: "أسلوب تويتر لا يسمح بطرح أفكار مهيكلة، إنها فقط جمل متفرقة ومختصرة إلى أقصى الحدود". وبما أن "بيل" من المتعاطفين مع تيار "حفلة الشاي"، فقد كان يطمح إلى الغوص في تفاصيل القضايا المطروحة على الساحة الأميركية، غير أن الإجابات كان مبتسرة إلى حد لم تشفِ غليله. وقد أشرف على النقاش وسيط من التيار "المحافظ" جلس على كرسي مرتفع وأمامه جهاز كمبيوتر محمول، فكان ينقل كل ما يصله من رسائل إلى الجمهور من خلال قراءتها بصوت مرتفع، وبعد حصول المشرف على إجابات المرشحين التي لا تتعدى 140 حرفاً يرسلها إلى الشاشة الكبرى ليطلع عليها المشاهد فيما يوجه أسئلة أخرى توصل بها من الجمهور إلى المرشحين. ومن بين تلك الأسئلة: كرئيس كيف ستعمل على كبح الدَيْنِ المتصاعد؟ أول المتصدين للرد على السؤال كان المرشح "الجمهوري" نيوت جينجريتش، المعروف بميوله "المحافظة جداً" وانتمائه إلى التيار "المحافظ" داخل الحزب حيث رد قائلاً "إني المرشح الوحيد الذي ضبط الموازنة"، فيما أجابت "ميشال باتشمان" قائلة "دروس الثمانينات والتسعينات معروفة # خفض الإنفاق لا يستمر فيما الضرائب المرتفعة تبقى، لا مجال لرفع الدين مرة أخرى"، وقد استخدمت المرشحة الجمهورية الرمز "#" دلالة على أهمية الكلمة التي تسبقها وهي لغة خاصة بمستخدمي "تويتر"، لا يتقنها إلا هم، لكن الأسئلة طبعاً لم تقف عند هذا الحد، بل انهالت على المرشحين وسارع منظم النقاش على إبرازها للجمهور أولًا بأول ومن بينها سؤال: هل يستطيع الرئيس خلق وظائف دون توسيع دور الحكومة الفيدرالية؟ هنا بادر المرشح "هرمان كاين" برد سريع يعكس مواقف "حفلة الشاي" ومبادئها المغرقة في محافظتها الاقتصادية، قائلًا: "سأخفض الضرائب على الشركات وأحدد الضرائب الشخصية في 25 في المئة، والأهم من ذلك جعل هذه الضرائب دائمة"، ومع أن "كاين" ليس من المرشحين الأوفر حظاً في الانتخابات التمهيدية للحزب "الجمهوري" مقارنة مع باقي المرشحين، فإنه كان الأكثر شعبية بين جمهور "تويتر"، لا سيما بين أنصار "حفلة الشاي" المشرفة على الحوار. فمباشرة بعد انتهاء النقاش كانت رسائل "كاين" الأكثر استخداماً من قبل باقي رواد الموقع، بحيث أُعيد إرسالها وتداولها بين المشاركين أكثر من مرة ما يشي بشعبية الردود، ومن بين التعليقات الأكثر شعبية في هذا السياق "الحكومة لا توفر وظائف، الشركات تقوم بذلك، على الحكومة فسح المجال". ومن معايير التقييم الأخرى، التي تقيس مدى شعبية المرشحين على "تويتر" ما حصلت عليه المرشحة "ميشيل باتشمان" بحيث كان حسابها على التويتر والذي دائماً ما يسبقه رمز @ الأكثر تداولا بين مرتادي "توتير"، فقد تمت الإحالة إليه وتوجيه باقي المشاركين إلى الاطلاع عن ما جاء فيه على نحو أكبر من حسابات باقي المرشحين. وعلى مدار النقاش كان الجمهور يشارك من خلال الرسائل القصيرة التي يبعثون بها إلى المرشحين، وتوزعت الأسئلة على العديد من القضايا والمواضيع مثل سؤال وجهه أحد المشاركين للمرشح "ريك سانتوريم" قال فيه: "ماذا سيكون أول قرار رئاسي تُصدره في حال دخولك البيت الأبيض؟" فجاء الجواب سريعاً: "سأوقف تنفيذ برنامج الرعاية الطبية الذي أقره أوباما"، وفي تعليق الخبراء على النقاش قال "أندرو راسيج" ، صاحب مدونة تُعنى بالسياسة العامة ومهتم بالإعلام الاجتماعي "حوار تويتر هو مؤشر آخر على أن الإعلام الاجتماعي سيتحول إلى وسيلة رئيسية في الحملة الانتخابية القادمة. وبما أن الآراء السياسية تُشكل عبر النقاش وتبادل الأفكار بين الناس سيكون الإعلام الاجتماعي الفضاء الأمثل لترويج الخطاب السياسي وإيصاله إلى الناخب".