أوضاعنا الداخلية في الإمارات تستحق التأمل فيها وإبرازها باعتبارها نموذجاً لاهتمام القيادة السياسية بمتطلبات رفاهية المواطن. وأعتقد أنه لابد أن يكون ما يصدر في الداخل الإماراتي من قرارات سياسية واقتصادية، وما يحدث من تغييرات تنموية، محل اعتبار محلياً من كافة شرائح المجتمع، وعلى رأسها وسائل الإعلام المختلفة، بشكل أوسع وأكبر مما هو عليه الآن. ما يجري من تفاعلات بين القيادة السياسية في الإمارات وبين المواطنين، يتطلب لفتة تجتاز البعد المحلي. وما يبذله الحكام من تفاعل مع أفراد المجتمع والتواصل مع المواطن والوقوف على احتياجاته... يفرض على كُتّاب الرأي التدقيق في دلالاته السياسية. الإمارات ليست معزولة عما يحدث في محيطها؛ فهي تتفاعل معه ولا مانع أن تنقل للآخرين تجربتها في العلاقة بين المواطن والمسؤول. تفسير مكرمات القيادة والجولات الميدانية للوقوف على أبسط احتياجات الإنسان الإماراتي بقصد رفاهيته، ومقارنة ذلك بما تشتكي منه شعوب أخرى، له معانٍ كثيرة حول طبيعة العلاقة بين المواطن الإماراتي وبين قيادته، معانٍ قد لا يفهمها الكل. كما أن البعض قد لا يمكنهم التمييز بين دول شرق أوسطية وأخرى، بل يعتقدون أن دول المنطقة كلها "سلة واحدة". وكثيراً ما تسمع من بعض الإماراتيين أن الناس تسأل عن أحوال المنطقة، وعندما يجدون أن الإمارات من الدول الأكثر استقراراً في العالم، تختلط عليهم الأمور ويستغربون. هذا يؤكد أن هناك فجوة في إبراز ما يتحقق واقعيا على أرض الإمارات، ما يعني أن المنتظر من الإماراتيين الآن التركيز على ما يحدث في الداخل من تطورات وتأثير ذلك على حياة المواطن، وإفهام المراقب في الخارج بأن المنطقة فيها دول مختلفة في التعامل مع مواطنيها، وقد تكون مصدر إلهام لبعض الدول ونموذجاً يُقتدى. هناك انشغال ملاحظ على إعلامنا، خاصة المكتوب، بالتطورات المتلاحقة على الساحة العربية عموماً، وما يجري ويحدث في ميادينها السياسية؛ نظراً لأهمية ذلك على مستقبل استقرار المنطقة عموماً، وكذلك من منطلق ما تمثله الدول العربية من أهمية للمواطن الإماراتي، وأيضاً لأن المنطقة تعيش لحظة تاريخية فارقة يصعب تحديد مسارها الآن. لكن الضرورة الوطنية ومصلحة الإمارات تتطلب الاهتمام بما يتم في الداخل سعياً لرفاهية الإنسان الإماراتي وراحته. فلا تكفي تغطية الأخبار والقرارات، بل المطلوب تقديم آراء تساعد الآخرين على فهم معنى ذلك ودلالته. لابد أن نتفاعل مع التحولات التنموية الداخلية إعلامياً بشكل أكبر. وأعتقد أنه لا ينبغي التركيز على الخارج أكثر من الداخل. كما لا يصح تجاهل الأشياء الجميلة التي تظهر بشكل مستمر في الإمارات. هناك إعلان عن توسيع المشاركة السياسية، وقرارات لتسديد ديون المواطنين، وهناك توزيع مساكن لهم أيضاً، ومشاريع تنموية رغم كل الظروف الاقتصادية والسياسية التي يشهدها العالم، وهناك متابعات ميدانية للوقوف على احتياجات المواطنين بشكل مباشر. هذه كلها دلالات على أن الإمارات تركز على رفاهية الإنسان، مما يجعلها استثناءً في المنطقة. وإذا كان الآخرون يعيشون الأمل في جديدهم القادم، فإننا نعيش الواقع اليومي بجديد يتحقق في كل مجال. نحن ننفعل بما يحدث في المنطقة ونتحمس له أحياناً، وهذا مهم، لكن المصلحة الوطنية والمنطق يفرضان علينا الاهتمام بالداخل الإماراتي في التحليل الإعلامي. محمد خلفان الصوافي sowafi@hotmail.com