ما الذي يحصل عندما تقرر النساء الاجتماع معاً والتركيز على حبّهن الجارف للفن وإيمانهن ورغبتهن في تحقيق أثر إيجابي في الحياة الاجتماعية؟ إن النتائج تكون مميزة بالفعل في هذه الحالة، خاصة إذا ما تجمعت معاً نسوة ما كنّ ليلتقين أصلا في الظروف العادية. ويوفر الفن فرصة فريدة للنساء من كافة مناحي الحياة والديانات المختلفة لاستكشاف النواحي والأبعاد المشتركة بين النساء في الحياة، سوء كمؤمنات أو كمحبّات ومتذوقات للمنتجات الفنية أو كفنانات هاويات لهن إسهاماتهن الفنية. إنه مفهوم قد لا يستطيع الجميع أن يفهموه عند التعرف عليه للمرة الأولى، بل هو أمر قد يحتاج المرء لأن يخوض تجربته قبل أن يستطيع تقديره وإدراك أهميته بشكل كامل. ويهدف مشروع منبر الديانات في المملكة المتحدة، والذي عنوانه (Women ARTogether)، إلى جمع النساء معاً في إطار الولع بالفن، وسعياً إلى إشباع ذلك الوعي، باستخدام الفن أساساً كعامل محفّز لإطلاق الحوار بين النساء من ديانات مختلفة وثقافات متباينة. ومن الأمثلة على نوع الفن التعاوني الذي يعرضه مشروع Women ARTogether، ذلك النشاط الذي يحمل عنوان "درع" (Armour) والذي أوجدته ثلاث فنانات من ديانات مختلفة، وهو عمل يتكون من ثلاث لوحات فنية تنبني كلها معاً على فكرة النساء كمحاربات يحاولن إبراز وتبرير رغبتهن الداخلية في حماية أنفسهن من الضغوطات المجتمعية والمشاكل الحياتية، وهي الحماية ذاتها التي يقدمنها لأطفالهن. تكمل كل قطعة الأخرى وتمثل كلها مجتمعة العزيمةَ القوية للنساء والحزن الذي يمر على حياتهن دون أن يلحظهُ أحد، والقلق اليومي الذي يساورهن عندما يغادر أطفالهن المنزل إلى المدرسة أو إلى أي مكان آخر. وينبع ذلك القلق الأمومي من الحب الغريزي غير المشروط من جانب أم أو جدة، وهو ذاته الخوف من الفقدان أو الأذى لأغلى المخلوقات في حياة النساء، أي أطفالهن، فلذات أكبادهن. وغالباً يجبرهن ذلك القلق اليومي المكتوم على تلاوة أدعية خاصة، وقد يربط بعضهن أشرطة حمراء لإبعاد الشياطين والأشرار، أو حتى لبس تعويذات على شكل قلادة تحتوي على مخطوطة صغيرة عليها أدعية وطلاسيم خاصة، وهي ممارسة شائعة بين النساء الأمهات من تقاليد دينية متعددة. كان هناك إدراك من النساء اللواتي شاهدن معرض "الدرع" في مهرجان Women ARTogether في شهر نوفمبر الماضي، بأنه لا عرقهن ولا دينهن يميّزهن كثيراً عن بعضهن بعضاً، إذا أخذنا بالاعتبار هذه الميزات والعواطف المشتركة بين نساء الأرض جميعاً. أعطى معرض Women ARTogether الفنانات المسلمات بصفة خاصة فرصة مميزة لعرض أعمالهن في معرض بلندن ومعارض الفنون المسيحية مثل (Wallspace) "مساحة حائطية". كما تم إيجاد الفرصة نفسها للفنانين والمسيحيين الذين سيعرضون أعمالهم في معارض الفن الإسلامي مثل معرض ميكا (Mica) في لندن. ويتفاءل منبر الديانات الثلاثة بأن هؤلاء الفنانات سوف ينجحن في تشجيع أفراد مجتمعاتهن على رؤية أعمالهن الفنية من منظور يحمل رسالة تدعو للتسامح ولاحترام الآخر. ويؤمَل أن يتبع ذلك سلسلة من التبادلات عبر الثقافات، يزور فيه المسلمون والمسيحيون متاحف خاصة بدايات أخرى والعكس صحيح. لا يعارض معظم الناس زيارة المجتمعات الأخرى، ولكنهم لا يفعلون ذلك عادة لأنه ببساطة لا توجد مبادرات تشجع أو تيسّر هذا النوع من التفاعل، التفاعل المفيد في تنحية الصور النمطية السلبية المتبادلة من المجتمعات والثقافات المختلفة. وبالتأكيد فإن هذه مبادرة تعد فعلا جديداً وقوياً، ومن شأنه أن يشجع هذا النوع الإيجابي من التبادل والتفاعل الخلاق بين الشعوب والديانات. ومما أثار الدهشة إلى درجة كبيرة هو دخول فنانات مسلمات كن ينتظرن فرصة لدحض الأساطير السائدة في المجتمعات الغربية حول الإسلام والمجتمع الإسلامي، والإعراب عن آرائهن من خلال أعمالهن الفنية. ورغم أن العديد من الفنانات المسلمات اللواتي فاتحناهن لم يقمن بالضرورة بإيجاد أعمال فنية تتعلق بالدين، إلا أنه عندما تم تعريفهن بفكرة التعاون عبر الفن وتوفير فرصة لإرسال رسائل وحدة إلى مجتمعات متنوعة، تقدمت العديد منهن بأسمائهن. وتشكل الفرقة الموسيقية النسائية "يللا"، التي أنتجت تزاوجاً بين موسيقى الكليزمر (وهي تقليد موسيقي لليهود الأشكناز والشرقيين)، والهيب هوب والجاز، مثالاً آخر حول كيف جمعت النساء مواهبهن معاً وأوجدن أسلوباً إبداعياً من الموسيقى يجتذب الناس من كافة الثقافات والديانات. العضوات المسلمات في المجموعة هن نساء ممارسات، يؤدين كلمات أغانٍ شفهياً، تعبر أحياناً عن ألمهّن للصورة السلبية المستمرة للنساء المسلمات في الغرب. وتدعمهن زميلاتهن المسيحيات في الفرقة من خلال عزف موسيقى خلفي وتشجيعهن على الاستمرار وإرسال رسائل التضامن والمشاركة المعمقة لهن. ولا يسع النساء اللواتي يشاهدن هذا الأداء إلا أن يشعرن بالتمكين والتشجيع من عرض الصداقة والتفاهم هذا. شعرت النساء المسلمات بالذات بالتشجيع من جانب الموسيقيات في "يللا"، وتتم دعوتهن أحياناً من قبل منظمات المرأة الموسيقية للأداء في المجتمعات المحلية بسبب الوقع القوي الذي يملكنه. وتخلق النساء فرصة للمجتمعات المحلية لجسر فجوة الفن، ونأمل أن يقرر كثيرون آخرون بحث هذا التبادل والعبور إلى الجانب الآخر. هادية ماسية مديرة مشروع Women ARTogether ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند"