صنّفت مجلة "الإيكونوميست"، مؤخراً، دولة الإمارات في المرتبة الخامسة بين الاقتصادات الناشئة الأكثر جذباً للاستثمارات العالمية المتوقّع توجيهها إلى إقامة المشروعات في قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة على مدار السنوات الخمس المقبلة، ويعبّر ذلك عن مستوى الجاذبية التي تحوزها الدولة، ليس تجاه الاستثمارات الأجنبية في المشروعات الصغيرة والمتوسطة فقط، ولكن أيضاً تجاه الاستثمارات الأجنبية المباشرة بشكل عام. ووضعت وكالة التصنيف الائتماني الماليزية "رام ريتنج" دولة الإمارات أيضاً كواحدة من دول العالم الأكثر رخاءً، وتفوّقت الدولة، وفقاً لتصنيف هذه الوكالة، على دول متقدّمة كثيراً، من بينها الولايات المتحدة والسويد في ما يتعلّق بـ"مؤشر متوسط دخل الفرد". وفي نطاق أوسع من هذا المؤشر فقد جاءت الإمارات في المرتبة الثانية والثلاثين عالمياً والأولى بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفقاً لـ"مؤشر التنمية البشرية" لعام 2010، الذي يصدره "البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة". وكانت المراتب المتميزة لدولة الإمارات، وفقاً للمؤشرات المذكورة، نتاجاً لأداء اقتصادي وتنموي على قدر كبير من التوازن والتميّز على مدار عقود طويلة، حتى بات الاقتصاد الإماراتي يتمتّع بقدرات وباحتياطات نقدية كبيرة تكفيه للتعامل مع التقلّبات والصدمات المالية، سواء الآتية من الداخل أو من المحيط الإقليمي أو المحيط العالمي كله. ولم يركن الاقتصاد الإماراتي في توليد دخوله خلال السنوات الماضية إلى الاعتماد على الفوائض النفطية، بل استثمر هذه الموارد النفطية ذاتها في بثّ القوة والازدهار في القطاعات الاقتصادية غير النفطية، كالصناعة والطاقة المتجدّدة والسياحة والخدمات المالية وتكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية، وهي كلها قطاعات نجحت في قطع شوط طويل على طريق النجاح واضطلعت بمسؤولية متزايدة في توليد الدخول، وتمكّنت من الوصول بمنتجاتها إلى مستوى من الكفاءة ساعدها على المنافسة في الأسواق العالمية، فكانت الحصيلة نمواً مطّرداً في حجم الصادرات الإماراتية غير النفطية من عام إلى آخر. وانطلقت هذه المسيرة التنمويّة المزدهرة من أرضية صلبة قوامها سياسة اقتصادية ذات نظرة مستقبلية شاملة ومتوازنة، محرّكها الرئيسي هو التوجّه نحو اقتصاد مستدام ومبنيّ على المعرفة، وبدا ذلك واضحاً على ملامح الرؤى والاستراتيجيات المستقبلية للدولة، كـ"وثيقة الإمارات 2021" و"الرؤية الاقتصادية لأبوظبي 2030". وتنسحب هذه الملامح على المشروعات والأعمال التنفيذية التي تتمّ على أرض الواقع في الدولة. ولعل "الخريطة الاستثمارية" للإمارات التي أطلقتها "وزارة الاقتصاد" مؤخراً قد عبّرت بوضوح عن ذلك، كونها أعطت اهتماماً واسعاً للمشروعات والاستثمارات الموجّهة إلى القطاعات والأنشطة الاقتصادية المبنيّة على المعرفة، وهو ما يعدّ أحد مظاهر الترجمة الأمينة للرؤى المستقبلية والخطط الاقتصادية الاستراتيجية المعتمدة في الدولة. إن هذه الترجمة الأمينة للنيّات والرؤى المستقبلية المتّزنة والطموح ونقلها في صورة مشروعات وإجراءات تنفيذية على الأرض هي منهجية عامة معتمدة في العمل التنموي لدولة الإمارات. ولعل هذه المنهجية هي العامل الرئيسي في النجاح الذي حقّقته الدولة والإنجازات الاقتصادية والتنموية التي أدركتها حتى الآن، فوضعتها، كما سبق القول، بين أفضل دول العالم تصنيفاً في ما يتعلّق بمؤشرات "التنمية البشرية" ومؤشرات الجاذبية الاستثمارية و"مؤشرات الرخاء". وعموماً فإن الاستمرار في تطبيق هذه المنهجية سيمنح الدولة فرصاً كبيرة للمحافظة على إحراز المزيد من التقدّم في المستقبل. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.