فتح مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" تحقيقاً الأسبوع الماضي بشأن إمبراطورية روبرت مردوخ الإعلامية، وسط ادعاءات بأن صحافيين بريطانيين حاولوا الاطلاع على الرسائل الهاتفية وسجلات ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وفي هذا السياق، وجه النائب بيتر كينج (جمهوري من ولاية نيويورك)، وهو من بين أعضاء الكونجرس الذين سعوا وراء فتح تحقيق في الموضوع، رسالة إلى مدير الـ"إف بي آي" روبرت مويلر، أشار فيها إلى تقارير إخبارية تفيد بأن بعض الصحافيين حاولوا الحصول على سجلات هاتفية للضحايا من خلال تقديم رشى والتنصت غير المرخص له. ولئن كان هذا النوع من الأساليب صادماً بالنسبة للجمهور، فإني كنت شاهدا على العديد من التكتيكات أثناء عملي كصحفي متدرب مع صحيفة "ذا جلوب" الشعبية في أواخر التسعينيات. وانطلاقاً من تجربتي الشخصية، أستطيع أن أؤكد أن الأساليب التي تعتمدها بعض الصحف الشعبية الأميركية لا تختلف كثيراً عن نظيرتها البريطانية. فالعديد من رؤساء التحرير في الصحف الشعبية الأميركية يأتون من بريطانيا التي يبرر فيها "صحافيو" الصحف الشعبية تكتيكاتهم وأساليبهم عبر إيهام أنفسهم بأنهم إنما ينتقمون للطبقة العاملة، من خلال فضح الأغنياء والمشاهير إضافة إلى أفراد العائلة الملكية. غير أنه بينما بدأت الصحف الشعبية على جانبي الأطلسي تغطي مواضيع وقصصا أكثر جدية تتعلق بالجريمة والسياسة، انضم الأشخاص العاديون والأبرياء إلى صفوف ضحاياهم. وقد لاحظتُ شخصياً صحافيي ورؤساء تحرير صحف شعبية يستغلون عائلات ضحايا جرائم القتل والشهود عبر توظيف محققين من أجل الوصول إلى معلومات حول بطاقات الائتمان الخاصة بهم وسجلاتهم الهاتفية. كما حاول رؤسائي بالصحيفة تقديم رشى لمسؤولين حكوميين وابتزازهم أحياناً من أجل الحصول على معلومات. لكن المشكلة لا تكمن في مردوخ، وإنما في أن ثقافة الصحافة الشعبية في كل من بريطانيا والولايات المتحدة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالأعمال الإجرامية. إذ بدون التصرف خارج القانون، فإن الصحف الشعبية لا يمكن أن تتفوق على الصحافة التقليدية العادية، وما كانت لتصمد وتستمر. في عام 1999، وأثناء تغطية قضية قتل "جون بينيت رمزي" في بولدر بولاية كولورادو، قمتُ بتبليغ الـ"أف بي آي" عن رؤسائي في الصحيفة الشعبية التي كنت أعمل بها لأنهم حاولوا ابتزاز محقق أمني؛ وهددوا بنشر قصة سلبية حول عائلته في حال لم يسرب أدلة سرية لهيئة المحلفين على نحو غير قانوني. كما عرض أحد رؤسائي عشرات الآلاف من الدولارات على خبير معين من قبل محامي الدفاع من أجل الحصول على نسخة من رسالة طلب فدية مرغوب فيها. ورغم أن القانون يمدنا بالأدوات اللازمة لمعاقبة الجرائم المرتبطة بحرية التعبير، فإن النظام القضائي يذعن بسرعة للتعديل الأول من الدستور الأميركي الذي يكفل حرية التعبير وحرية الصحافة، ونتيجة لذلك ينتهي بنا إلى حماية الأشخاص الذين يسيئون تمثيل أنفسهم كصحافيين وكنشطاء. غير أنه إذا كان الكونجرس يريد حقاً حل هذه المشكلة، فينبغي أن يحذو حذو البرلمان البريطاني ويعقد جلسات استماع للتحقيق في هذا الموضوع؛ لأنه ليست مجرد متابعة قضائية غير فعالة؛ وسبب المشكلة هو رفضنا كبلد الاعتراف بأن شيئاً إجرامياً ما يمكن أن يحدث عندما يتعلق بالتعبير. والحال أن الجريمة تظل جريمة؛ والصحافة الشعبية تستعمل أساليب غير قانونية، ولا تستحق حماية مطلقة من التعديل الأول للدستور! جيفري سكوت شابيرو صحفي سابق يعمل حالياً في مجال القانون الجنائي والإعلامي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"