اتفاقية التعاون التي وقّعتها "الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب" في أبوظبي، مؤخراً، مع "دائرة التنمية الاقتصادية" في أبوظبي بهدف الحدّ من الإقامة غير المشروعة للأجانب على مستوى إمارة أبوظبي، تعدّ توجهاً مهماً للتعامل مع مخالفي الإقامة، وتشير بوضوح إلى أهمية تكامل الأدوار في ما بين المؤسسات المعنيّة، من أجل التصدي لهذه المشكلة التي أصبحت تمثل هاجساً مقلقاً لما يرتبط بها من تداعيات اقتصاديّة واجتماعيّة وأمنيّة. هذا الاتفاق يستهدف تنظيم فعاليات وأنشطة توعويّة حول قانون الإقامة وشؤون الأجانب، وتوضيح الحالات التي تخالف هذا القانون، وكذلك التوعية بالآثار المختلفة المترتبة على مخاطر احتواء الإقامة غير المشروعة للعمالة. تعاون "دائرة التنمية الاقتصاديّة" مع "الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب" في أبوظبي يستكمل جانباً مهمّاً في مواجهة مشكلة الإقامة غير المشروعة للأجانب، وهو الجانب التوعوي الذي يشكل بلا شك أهمية كبيرة في أيّ مقاربة شاملة يتم وضعها لمواجهة هذه المشكلة، لأن كثيراً من الحالات المخالفة لقانون الإقامة لا تعلم شيئاً عن هذا القانون، وما يتضمّنه من قواعد ولوائح تنظيمية وجزائية بحق المخالفين، أو القواعد المنظّمة لسوق العمل في الدولة، إذ إن هذه الحالات تقع في الأغلب ضحايا لبعض الشركات "الوهمية" التي ليس لها وجود ميداني أو اقتصادي في الواقع، وتلجأ في الأغلب إلى استخراج مزيد من تأشيرات الزيارة، وذلك نظير أموال طائلة من جانب بعض الأفراد الذين لا يغادرون الدولة بعد انتهاء فترة هذه التأشيرات. هناك أيضاً بعض المؤسسات وأصحاب الأعمال الذين يلجؤون إلى بعض العمال المخالفين لتنفيذ مهامّ أو مشروعات مؤقتة بنصف التكلفة، وأحياناً بربع التكلفة من دون التقيّد بالإجراءات الرسمية لجلب العمالة وتشغيلها، توفيراً للنفقات وتعظيماً للمكاسب. وتمثل العمالة المخالفة مشكلة خطرة تؤرّق أمن المجتمع واستقراره، إذ إن بعض عناصر هذه العمالة قد يقومون بارتكاب بعض الجرائم، كونهم يعيشون من دون رقابة ومن دون كفيل مسؤول عنهم، وقد ثبت تورّطهم بالفعل في ممارسات ومخالفات عديدة من شأنها تهديد الأمن الاجتماعي، كالاتجار بالمخدرات، أو القيام بسلوكيات غير حضاريّة كممارسة التسول... يشجعهم على ذلك كونهم من غير المسجّلين لدى أجهزة الدولة، وليست لديهم بيانات على النظام الخاص بالمقيمين. وإضافة إلى ما سبق، فإن هذه العمالة قد تكون مصدراً للأمراض المعدية، كونها لا تخضع للفحص الطبي. وخطورة مشكلة العمالة المخالفة لا تتوقّف عند هذا الحد، بل قد تشوه بيئة العمل في الدولة، لما يرتبط بها من تجاوزات من جانب بعض أصحاب الأعمال والشركات، ما داموا على قناعة بأن العمال المخالفين الذين يستعينون بهم لإنجاز بعض المهام لن يتمكّنوا من المطالبة بحقوقهم، حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون. إن مواجهة مخالفي الإقامة ينبغي أن تكون مسؤولية مشتركة لجميع مؤسسات الدولة. صحيح أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق وزارة الداخليّة التي تبذل جهوداً كبيرة في هذا الشأن، إلا أن انخراط المؤسسات والجهات الأخرى في هذه الجهود يستكمل بقيّة خطوات السيطرة على هذه المشكلة بأبعادها المختلفة، لأن هذا -بلا شك- سيسهم في بلورة وعي مجتمعي بضرورة التصدّي لهذه المشكلة التي تهدد أمن المجتمع واستقراره. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.