التحذير الذي أطلقه الدكتور وحيد عبدالمجيد في مقاله الأخير، "حتى لا تصبح مصر فسطاطين"، تحذير له مبرراته في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ مصر، حيث كشف التحول الذي حدث مع ثورة 25 يناير الغطاء عن حالة من الانقسام الفكري والسياسي فاقت جميع التوقعات، وهي حالة يلخصها التباين الحاد بين الإسلاميين والعلمانيين حول طبيعة الدولة المنشود قيامها في المستقبل، وموقع الإسلام فيها، والضمانات التي تكفلها في مجال الحقوق والحريات العامة، الفردية والاجتماعية والثقافية والدينية! وبعد أن بين الحجم الكبير لذلك التباين وحدته العالية وما تحمله من مخاطر على مستقبل الثورة، توقف الكاتب عند وثيقة مهمة أقرتها مؤخراً مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية، الإسلامية والعلمانية، وقد انطوت على رؤية توافقية متوازنة للعلاقة بين الدولة والدين، تؤكد على الهوية الإسلامية للدولة وعلى الشريعة كمصدر أساسي للتشريعات، كما تضع في الوقت نفسه أسساً لضمان مدنية الدولة، وحرية غير المسلمين في الاحتكام إلى عقائدهم، وللتأكيد على أن الشعب هو مصدر الشرعية... مع ما يقترن بكل ذلك من حقوق وحريات عامة. إنه بالفعل تطور مهم ومطمئن في ظل القلق المتعاظم على مستقبل الثورة ومصير الإصلاحات التي بدأ الشعب المصري بوضعها منذ فبراير الماضي. كريم محمود -مصر