الإرهاب في مومباي وأميركا تحت وطأة الديون ------- مومباي وموعد جديد مع الإرهاب، وتعقيدات الوضع الليبي، وفضيحة الصحافة البريطانية، ثم أزمة الدين الأميركي المتفاقم... أهم العناوين التي تصدرت الصحافة الأميركية خلال الأسبوع الفائت. -------- تفجيرات مومباي: بهذا العنوان استهلت صحيفة "نيويورك تايمز" افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي متطرقة إلى الهجمات الإرهابية التي استهدفت مدينة مومباي الهندية يوم الأربعاء الماضي مخلفة 17 قتيلاً، فرغم أن التحقيقات لم تحدد بعد هوية المنفذين، فإن الصحيفة تتعاطف مع مطالب المواطنين الهنود الداعين إلى توفير الحكومة لحمايةٍ أكبر وبذل جهود أكثر في محاربة الإرهاب. وفيما تسري أحاديث غير رسمية تزعم احتمال تورط جهات باكستانية تذكر بهجمات عام 2008 التي قضى فيها 160 شخصاً، تدعو الصحيفة إلى عدم التسرع في توجيه أصابع الاتهام إلى أي جهة قبل استكمال التحقيقات، لاسيما وأن مسؤولاً أميركياً بارزاً ألمح إلى أن الجناة هذه المرة قد يكونون من الجماعات المتطرفة المحلية. ومهما يكن الأمر، فالوضع -تقول الصحيفة- يكتسي حساسية خاصة عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الهندية الباكستانية، داعية إلى الالتزام بأقصى درجات ضبط النفس وعدم التسرع في إصدار الأحكام، لأن نتائج الاحتكاك قد تكون وخيمة بالنسبة لبلدين نوويين لديهما تاريخ طويل من العداء. وإذ تثني الصحيفة على انضباط الحكومة الهندية وعدم سقوطها في فخ العنف بعد الهجمات الكبيرة التي تعرضت لها مومباي في عام 2008، رغم الضغوط الشعبية وبعض الأصوات المتطرفة، فهي تدعو في الوقت نفسه باكستان إلى إظهار قدر أكبر من التعاون في تعقب من يثبت تورطهم في هجمات ضد الهند وتقديمهم للعدالة دون إبطاء، مشيرة إلى تلكؤ السلطات الباكستانية في محاكمة المشتبهين الذين تم القبض عليهم في هجمات 2008 والسير البطيء للمحاكمة، هذا بالإضافة إلى إصرار باكستان على عدم إشراك الهند في التحقيقات، وهو ما يزيد من توتير العلاقة بين البلدين. الاستعداد لليبيا جديدة: دعت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي إلى مزيد من الانفتاح الأميركي على ثوار ليبيا ومدهم بالمساعدات الضرورية تمهيداً لليبيا ما بعد القذافي، لاسيما وأن الصحيفة تلاحظ تخلف الجهود الدبلوماسية الأميركية في مواكبة باقي القوى في حلف شمال الأطلسي ودول أخرى في دعم وجه جديد لليبيا بعيداً عن القذافي. وتضيف أن الاجتماع الذي يعقد هذه الأيام باسطنبول وتشارك فيه وزيرة الخارجية الأميركية، ضمن مجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا، يشكل فرصة لتأكيد الالتزام الأميركي والقطع مع سياسة التردد التي ميزت السياسة الأميركية تجاه الربيع العربي. فرغم المشاكل التي يواجهها الثوار في ليبيا بسبب جمود الوضع العسكري ونقص المال لإدارة المناطق الواقعة تحت سيطرتهم وتسديد رواتب الموظفين، تعتبر الصحيفة أن البدائل والحلول دائماً موجودة لو انخرطت أميركا على نحو أكثر فاعلية وتخلصت من تحفظها. فقد التزمت وزيرة الخارجية الأميركية في الاجتماع السابق حول ليبيا بتوفير "أرضية مالية صلبة" للثوار من خلال الإفراج عن مليارات الدولارات الليبية المجمدة في البنوك الأميركية، لكن هذا الإجراء يواجه عراقيل في الكونجرس الذي يبدو أنه مصمم على معاقبة الإدارة لعدم استئذانها منه في تمديد العمليات العسكرية في ليبيا. ومع ذلك تقول الصحيفة فإنه بإمكان إدارة أوباما تقديم خدمة جليلة متمثلة في الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي والتعامل معه كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي، كما فعلت كل من فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وكندا وغيرها من الدول. ففي هذه الحالة سيستفيد الثوار تلقائياً من الأصول الليبية المجمدة في أميركا، وستُفتح أمامهم فرصة التقدم ميدانياً وحسم المعركة لمصلحتهم، فيما تكون أميركا قد التزمت بمبادئها الداعمة للديمقراطية ومصالحها أيضاً. الصحافة البريطانية بعد مردوخ: عبرت "لوس أنجلوس تايمز" من خلال إحدى افتتاحيتها في الأسبوع الماضي عن تخوفها من التضييق على الصحافة البريطانية والحد من حريتها كردة فعل على فضيحة صحيفة التابلويد "ذي نيوز أوف ذي الورلد"، والممارسات غير المهنية واللاأخلاقية التي انخرط فيها بعض الصحفيين التابعين لمؤسسته الإعلامية، فبعد انكشاف حجم عملية التنصت على الهواتف التي طالت ليس فقط المشاهير وأفراداً من الأسرة الحاكمة، بل تجاوزتهم إلى ضحايا جرائم القتل، بالإضافة إلى العلاقة المشبوهة بين بعض الصحفيين وعدد من رجال الشرطة... بات التركيز منصباً على مجمل المشهد الصحفي وعادت الشكوك لتنهال على مهنة المتاعب، فقد سارع رئيس الوزراء البريطاني (كاميرون) إلى تشكيل لجنة للتحقيق في عملية التنصت مقترحاً رفع توصيات إلى الحكومة لصياغة قواعد جديد للعمل الصحفي، من ضمنها أن يتم إطلاع رئيس الحكومة على الاتصالات واللقاءات بين الصحفيين والسياسيين، وهو ما سيشكل في حال إقراره تدخلًا سافراً في شؤون الصحافة التي يتعين أن تبقى حصراً في أيدي الصحفيين. فرغم الأخطاء التي تقع فيها الصحافة بين الفينة والأخرى تدعو الصحيفة إلى حماية حرية التعبير وعدم الانجرار إلى سن قوانين تضيق من هامش حريتها فقط لأن صحيفة أخطأت في حق قرائها، وهنا لا تستثني الصحيفة أحداً في دفاعها عن المؤسسات الإعلامية ومهنة الصحافة حتى تلك التي تتخصص في الإثارة. معضلة الدين الأميركي: خصصت صحيفة "شيكاجو تريبيون" افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي للحديث عن الانقسام داخل الكونجرس الأميركي بين الجمهوريين والديمقراطيين من جهة وبين الإدارة والكونجرس من جهة أخرى، بسبب مشكلة وضع سقف جديد للإقراض والذي مازالت ترفضه القوى المحافظة داخل الكونجرس، الأمر الذي يهدد بتراجع التصنيف الائتماني للولايات المتحدة في حال عجزت الحكومة عن الحصول على الأموال الضرورية لإدارة البلاد، كما حذرت من ذلك إحدى وكالات التصنيف المهمة، فالقضية التي تطالب الصحيفة بتسويتها من خلال صفقة بين الجمهوريين والديمقراطيين تتوزع بين رفض الجمهوريين ترخيص رفع سقف الإقراض لأن ذلك من وجهة نظرهم سيغرق البلاد في المزيد من العجز، مع تركيزهم على خفض كبير للنفقات وتقليص برامج الاستحقاق الاجتماعي مثل الرعاية الصحية وغيرها، فيما يطالب الديمقراطيون برفع سقق الإقراض حتى لا تتعطل الحكومة، على أن يتم توسيع الوعاء الضريبي لتغطية العجز، الأمر الذي يرفضه تماماً المحافظون. لكن، وخلف هذه المساومات الجارية حالياً بين الكونجرس والبيت الأبيض للوصول إلى حل ينهي الخلاف، تكمن -حسب الصحيفة- حسابات سياسية دقيقة تسبق الانتخابات الرئاسية، فمن جهة لا يريد أوباما (ومعه الديمقراطيون) التورط في صفقة يوافق بموجبها الجمهوريون على رفع سقف الإقراض بشرط عدم رفع الضرائب للتخفيف من العجز المالي، لأن ذلك سيسقطهم في فخ توسيع العجز المالي، وبالتالي تقويض حظوظهم الانتخابية، ومن جهة أخرى يرفض الجمهوريون التورط في توسيع الإنفاق ما دام ذلك يبعدهم عن قاعدتهم الانتخابية ويضعهم في مأزق انتخابي حقيقي، لاسيما في وقت تتصاعد فيه أهمية الجناح اليميني داخل الحزب الجمهوري. لكن وبصرف النظر على هذه الخلافات الضيقة التي تمزق السياسيين، تدعو الصحيفة المشرعين والإدارة على حد سواء إلى تغليب مصلحة البلاد وإنقاذ سمعة مؤسسة الحكم في واشنطن، والتي تلطخت كثيراً بسبب التعنت في المواقف والمماحكات السياسية. إعداد: زهير الكساب