تعدّ بنوك تنمية الصادرات والواردات من أهم المؤسسات المالية المتخصصة وذات الدور الاقتصادي المهم على مستوى النظام الاقتصادي والمالي العالمي، خاصة في أوقات الأزمات، حيث يتعاظم دور مثل هذه البنوك في الوقت الذي تواجه فيه التجارة العالمية المصاعب، كما هي الحال الآن جرّاء "الأزمة المالية العالمية"، التي ضغطت على الطلب العالمي على السلع والخدمات ودفعت الدول إلى وضع العراقيل والقيود على حركة السلع والبضائع عبر الحدود، في إطار ما يسمّى "الحمائية التجارية"، التي شهدت نزعة توسّعية جديدة خلال السنوات الأخيرة، وتزداد أهمية بنوك تنمية الصادرات والواردات باقتصادات الدول الناشئة والدول النامية، التي ليست لديها قدرة كبيرة على التوصّل إلى شبكات التمويل والمؤسسات المالية الدولية للحصول على احتياجاتها المالية التي تكفل لها المحافظة على توازن ميزانها التجاري. وكذلك فإن بنوك تنمية الصادرات والواردات لها دور مهمّ في الدول الصاعدة والنامية التي تعاني مؤسساتها الإنتاجية ضعف قدراتها التنافسية في الأسواق العالمية، نظراً إلى تدنّي جودة المنتجات الوطنية مقارنة بالمنتجات المنافسة في الخارج، بما يتركها في حاجة ماسّة إلى خدمات الدعم الفني لتحسين هذه الجودة، كما أنها تحتاج إلى خدمات تسويقية متطوّرة في أسواق العالم الخارجي، وإلى جانب هذا وذاك فإنها تواجه قصوراً في قدرتها على الوصول إلى المؤسسات المالية الدولية المتخصصة في تمويل التعاملات التجارية الدولية، وهنا يظهر دور بنوك تنمية الصادرات والواردات الوطنية، التي تمارس دور الملجأ الأخير لمثل هذه المؤسسات الوطنية الساعية إلى دخول الأسواق العالمية والمنافسة فيها. ومن هذا المنطلق أعلنت "دائرة التنمية الاقتصادية" في إمارة أبوظبي، مؤخراً، أن الإمارة تخطط لإنشاء "مركز أبوظبي لتنمية الصادرات" بحلول العام المقبل، إلى جانب أن هناك دراسات جارية بخطوات حثيثة لإنشاء بنك متخصص لتمويل الصادرات والواردات في الإمارة، وتدلّل البيانات التي أعلنتها الدائرة على الأهمية التي تحتلّها مثل هذه المبادرة في تدعيم الأنشطة الاقتصادية في الإمارة، فهي تشير إلى أن نحو نصف المؤسسات والشركات الصناعية الخدمية في الإمارة فقط هي القادرة على تصدير منتجاتها إلى الخارج، في الوقت الذي يجد فيه النصف الآخر من هذه المؤسسات والشركات مشكلات كبيرة في هذا الشأن، ويعتبر نقص التمويل هو المعوّق الرئيسي للأنشطة التصديرية لدى معظم هذه المؤسسات والشركات، نتيجة عدم وجود مؤسسات مالية متخصصة في هذا الشأن، إلى جانب ضعف إقبال المصارف التقليدية على تمويل أنشطة التصدير أو الاستيراد، في ظل حالة التشدد الائتماني الذي تمارسه المصارف كجزء من موجة عالمية واسعة من التشدّد، نتيجة تدنّي مستويات ثقة المصارف بالأنشطة الاقتصادية وبالمناخ الاستثماري العام، وفي هذا الموضع يظهر دور كل من "مركز أبوظبي لتنمية الصادرات" والبنك المتخصص في تمويل الصادرات والواردات، الذي سيسدّ هذه الفجوة. كما أن المبادرة التي ستطلقها الإمارة نهاية العام الجاري في مجال تنمية الصادرات من شأنها أن تدعم المؤسسات والشركات الصناعية في الإمارة لرفع جودة منتجاتها من خلال تقديم الدعم الفني بما يتوافق مع معايير المنافسة في الأسواق العالمية، وكذلك توفير الخدمات التسويقية اللازمة لها من خلال إشراكها في المعارض الدولية لكي تكون قادرة على الوصول إلى الأسواق العالمية من دون مشكلات.