في دلالة مهمّة على حجم التعافي، الذي حققه الاقتصاد الإماراتي من آثار "الأزمة المالية العالمية"، بل تمكُّنه من تحقيق كمٍّ كبير من المكاسب خلال الفترة الماضية، تعدى في قيمته وحجمه مقدار ما افتقده الاقتصاد من زخمه في المراحل الأولى من الأزمة، التي تسبّبت في زعزعة الاستقرار الاقتصادي العالمي برمته، ودفعت الاقتصاد العالميّ إلى موجة من الانكماش لم تنحصر مظاهرها حتى الآن، وفي دلالة مهمة على هذا الإنجاز المزدوج، فقد أصدر عدد من المؤسسات الاقتصادية العالمية عدداً من التقارير التي تؤكّد الأداء المتميز للاقتصاد الإماراتيّ، وكذلك المكانة الدولية التي بات يكتسبها بناءً على هذا الأداء. حيث أصدرت مؤسسات "موديز" و"بيزنس مونيتور إنترناشونال" و"بيلدنج يو كي" ثلاثة تقارير حديثة، مؤكّدة مظاهر التعافي الحقيقي للاقتصاد الإماراتي، وعلى رأسها ظهور بوادر لتعافي القطاع العقاريّ في الدولة، من خلال تعافي الطلب العقاري الذي بات أكثر ترجيحاً خلال الفترة المقبلة، وهو المؤشر الذي يعدّ مظهراً من مظاهر تعافي الاقتصاد الإماراتي برمته، نظراً إلى أن القطاع العقاري بدوره هو القطاع الأكثر تأثراً بتداعيات الأزمة المالية، وكان الملمح الثاني للتعافي الاقتصادي الإماراتي، الذي أشارت إليه تلك المؤسسات، متمثلاً في الدور الإيجابيّ الذي يلعبه محرك النمو المزدوج في اقتصادَي أبوظبي ودبي، اللذين حقّقا نموّاً ملحوظاً في عدد من القطاعات الاقتصادية، خاصة السياحة والنقل والخدمات اللوجيستية، وهي القطاعات التي استفادت كثيراً من الاستقرار الاجتماعي والسياسي في الدولة، أما الملمح الثالث فقد بدا واضحاً في جانب القطاع المصرفيّ الذي استفاد من سياسة التنويع الاقتصادي التي تقوم بها الدولة. لقد كان لمظاهر تعافي الاقتصاد الإماراتي، التي أشارت إليها المؤسسات المذكورة، مؤخراً، تأثيرها في موقع الاقتصاد الإماراتي على خريطة الاقتصاد العالمي، الذي أصبح وفقاً لـ"مؤسسة بيزنس مونيتور" هو الاقتصاد الأكثر جاذبيّة للاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية، وكذلك السائحين على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كونه وفّر ملاذاً آمناً للاستثمار والسياحة الآتية إلى المنطقة، التي تعاني حالة من عدم الاستقرار الأمني والسياسي، نتيجة الأحداث المندلعة بها في الوقت الراهن. وفي السياق نفسه كذلك أكّدت مؤسسة "بيلدنج يو كي" البريطانية أن الاقتصاد الإماراتيّ قد نجح في تعزيز مكانته العالمية كأبرز الاقتصادات الصاعدة كوجهة لاستقبال المقار الإقليمية للشركات العالمية المتخصصة في جميع الأنشطة الاقتصاديّة في الوقت الحالي، في ظل ما بات يحوزه من ثقة عالمية كبيرة ومتزايدة يوماً بعد يوم كوجهة مفضّلة للأنشطة الاقتصادية، لما يتوافر به من فرص استثمارية واعدة في مختلف المجالات، لما يحوزه من بنية تحتية وتكنولوجية متطوّرة تمثل أرضية صلبة وحاضنة جيدة للتوسع في الأنشطة الاقتصادية، في الوقت نفسه الذي تلعب فيه دور القوة المحرّكة لازدهار تلك الأنشطة، هذا إلى جانب ما تمتلكه الدولة من إمكانات استثمارية في ظل سوقها المحليّ المزدهر، وعلاقاتها التجارية المتينة مع دول الجوار، بما يضعها في موقع البوابة للأسواق الإقليمية، سواء في منطقة الخليج العربية، أو في منطقة الشرق الأوسط جميعها. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتجية