لقد برز في الآونة الأخيرة مصطلح "ناشط حقوقي" وكثر استخدامه في المنطقة العربية وبالذات في بعض دول الخليج العربية. وفوجئ العديد من المراقبين والباحثين بظهور أسماء تحرص على التعريف بنفسها على أنها من المدافعين عن حقوق الإنسان. وبدأ البعض من هؤلاء في التصدي للقضايا الكبرى التي تواجه أي مجتمع في عصرنا هذا، ولأنه يحمل هذا اللقب فإنه يتوقع من الناس قبول آرائه بصدر رحب، ويفترض أنه قد حاز ثقة الناس، فهو فوق الشكوك والشبهات لأنه "ناشط حقوقي"! وأنا هنا لا أشكك في نية أحد، ولا أطعن في مصداقية كل من حمل هذا اللقب، ولكن لأن هؤلاء قد تصدوا لقضايا مهمة وكبيرة تمس حياة عامة الناس، فضلًا عن أنها قد تتعرض لأسس العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وفي ذلك لا تتردد نماذج من هذه الفئة في الاستعانة والاستقواء بالأجنبي لفرض آرائها ليس على الحكومات فقط بل أيضاً في مختلف القضايا الأساسية التي تحكم وتنتظم حياة الأفراد في مجتمعاتنا. إن تبني موضوع حقوق الإنسان هو في الأساس قضية فاضلة، وفي جميع المجتمعات الإنسانية هنالك حاجة باستمرار إلى من يدافع عن المظلوم ويتبنى قضاياه، ولكن ما هو المقصود بحقوق الإنسان؟ وهل هناك اتفاق على هذه الحقوق؟ ومن الذي يحدد أن هذه الدولة أو تلك ملتزمة بحقوق الإنسان أو غير ذلك؟ وما هي المعايير المعتمدة للحكم في كل هذا؟ وبالنسبة لنا كمسلمين.. هل حقوق الإنسان التي يتبناها الغرب ويدعو إليها تعتبر مقبولة لدينا؟ وهل لنا خيار عند التعامل مع ما يسمى بمنظمات حقوق الإنسان الدولية في أن نقبل أو نرفض شيئاً من معاييرها؟ وهل هذه المنظمات حيادية وموضوعية في عملها أم أن هناك أجندات خفية تحركها؟ إذا كانت معايير الغرب ترى إسرائيل كدولة ديمقراطية راقية في المنطقة ولديها في سجونها أكثر من أحد عشر ألف سجين فلسطيني وأكثرهم من غير تهم أو محاكمات وبينهم نساء وأطفال، فأين، يا ترى، منظمات حقوق الإنسان من هؤلاء وهي التي أقامت الدنيا ولم تقعدها لأنه تم اعتقال فلان هنا أو فلان هناك بتهم واضحة ووفق إجراءات قضائية. إن هناك فرقاً كبيراً بين من يريد أن يدافع عن حقوق الإنسان في بلاده وبين من لديه أجندة سياسية يسعى إلى تحقيقها من خلال تبني موضوع حقوق الإنسان، ويستقوي بالأجنبي لتحقيق ذلك، لأن الضرر الناتج عن هذا كبير وقد يعم أفراد المجتمع، ولعل أوضح مثال على ذلك هو "النجاح" الذي حققه بعض من يسمون أنفسهم دعاة حقوق الإنسان في إلغاء سباق "الفورمولا" في البحرين، هذا الحدث الذي يمثل إنجازاً لكل بحريني، والذي تتمنى كل دول العالم أن تفوز باحتضانه. وقد تمكن هؤلاء للأسف من خلال التواصل مع الخارج من إلغائه، والمتضرر هنا هم أهل البحرين بعمومهم وليس الحكومة فقط. نعم نحتاج، في دولنا العربية، إلى أن يكون من بيننا دعاة لحقوق الإنسان يتبنون المبادئ التي تناسب قيمنا ومبادئنا بصدق وتجرد، ودون الاستقواء بالخارج أو استغلال هذا المجال لخدمة أجندات سياسية محددة.