الخطة التي وضعها "مجلس أبوظبي للتعليم" لمواجهة تحديات التعليم العالي في أبوظبي، تسعى إلى تحقيق أولويات محدّدة، أهمها الارتقاء بمستوى جودة التعليم العالي، وتعزيز مخرجاته بما يواكب المعايير الدولية، ومواءمة التعليم العالي مع الاحتياجات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للإمارة، حيث تنطلق هذه الخطة من معالجة أوجه القصور التي تواجه العملية التعليمية، وتسعى إلى إيجاد الحلول اللازمة لها، وفي مقدمتها ضعف مخرجات التعليم وعدم تواؤمها مع متطلّبات سوق العمل، وضعف تأهيل الطلاب في المراحل السابقة على التعليم الجامعي، وكذلك تراجع مستوى نسبة كبيرة من خريجي الجامعات، وعدم امتلاكهم المهارات التي تؤهّلهم للانخراط في مجالات سوق العمل. إن الأولويّات التي يسعى "مجلس أبوظبي للتعليم" إلى تحقيقها في إطار هذه الخطة، تستجيب لـ"رؤية أبوظبي 2030" التي ترتكز في الأساس على تحويل اقتصاد الإمارة من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد قائم على العلم والمعرفة، من أجل إيجاد رأس مال بشري عالي الكفاءة وبناء كفاءات حكومية فعّالة تكفل تحقيق رؤية الإمارة في أن تصبح من بين أفضل خمس حكومات على مستوى العالم. ولأجل ترجمة هذه الرؤية يتحرك "مجلس أبوظبي للتعليم" في مسارات عدة متوازية: أولها، العمل على المواءمة بين مخرجات التعليم العالي واحتياجات سوق العمل، وفي هذا يقوم برعاية سلسلة من المنتديات تحت شعار المواءمة المستدامة، تستهدف تحقيق التواصل بين مؤسسات التعليم العالي، وممثّلي قطاعات الأعمال المختلفة للتعرُّف على احتياجاتها المختلفة، وهذا أمر ينطوي على جانب كبير من الأهمية، لأنه يضمن أن تكون مخرجات مؤسسات التعليم العالي متوائمة مع هذه الاحتياجات، ومتفاعلة مع حركة التطور التي تشهدها أبوظبي في مختلف المجالات. ثانيها، إيجاد منظومة بحثية تشجع على الابتكار والإبداع، بحيث تكون قادرة على خدمة الخطط والتوجّهات التنموية المستقبلية لأبوظبي، ولهذا يضع المجلس على رأس أولويّاته زيادة الإنفاق المخصص للبحوث والتطوير ليصل إلى 4.9 مليار درهم بحلول عام 2018، وإنشاء جامعات قادرة على إصدار 50 براءة اختراع باعتبارها مقياساً لأداء البحوث. ثالثها، العمل على إيجاد قاعدة من الكوادر المواطنة المتخصصة في المجالات النوعية الدقيقة، كـ"الطاقة النووية" و"الطاقة المتجدّدة" و"هندسة الطيران" و"النانو تكنولوجي" و"أشباه الموصّلات"، على أساس أن هذه التخصصات هي الأكثر قدرة على تحقيق نقلة نوعية لاقتصاد أبوظبي، والإمارات بوجه عام، خاصة أن هذه التخصصات تتواكب مع خطط التنمية المستقبلية للإمارة، ولهذا يهتمّ المجلس بتطوير نظام بعثات التعليم العالي، من أجل سدّ احتياجات الإمارة في هذه التخصصات النوعية والنادرة. رابعها، إقامة شراكات مع الجامعات العالمية العريقة، والاستفادة من خبراتها في تطوير منظومة التعليم العالي في أبوظبي، وذلك من خلال تقديم التسهيلات من أجل إقامة فروع للجامعات العالمية الرائدة في مجال التعليم العالي داخل الإمارة مثل "جامعة باريس-السربون" و"جامعة نيويورك" وغيرهما، ما يجعل أبوظبي من المدن التي تنافس في مجال التعليم العالي على اجتذاب الطلاب، ليس من داخل الدولة فحسب بل من منطقة الخليج والعالم قاطبة. لقد وضع "مجلس أبوظبي للتعليم" النهوض بمستوى التعليم العالي وتعظيم مخرجاته في صدارة أولوياته، حتى يصبح نظاماً تعليمياً تنافسياً قائماً على الابتكار ومعترفاً به على المستوى الدولي، وقادراً في الوقت ذاته على تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة لحكومة أبوظبي.