منذ أن نجحت دولة الإمارات في استضافة "الوكالة الدولية للطاقة المتجدّدة" (إيرينا) عام 2009، وهي لا تألو جهداً في توفير الإمكانات اللازمة كافة أمامها، لكي تقوم بدورها في نشر حلول الطاقة المتجدّدة، بصفتها طاقة المستقبل التي لا غنى عنها بالنسبة إلى دول العالم أجمع، خاصّة الدول النامية التي تواجه تحديات متزايدة في الطاقة تؤثر في مسيرتها التنمويّة. وفي هذا السياق جاء الاجتماع الذي عقدته "إيرينا" مؤخراً، وخصّص لمناقشة تطوير استراتيجيات القارة الإفريقية، وتمهيد اقتصاداتها لمعالجة القيود التي تعوق نشر حلول الطاقة المتجدّدة. فالقارة الإفريقية تمثل أولويّة كبيرة في خطة عمل "إيرينا"، ليس لأنها تخسر مليارات الدولارات سنوياً بسبب نقص مشروعات الطاقة المتجدّدة، وإنما لأنها تمتلك العديد من القدرات الكبيرة التي تتيح لها تلبية احتياجاتها من الطاقة بالاعتماد على مواردها الوفيرة من مصادر الطاقة المتجدّدة أيضاً، حيث تمتلك الطاقة الشمسيّة التي يمكنها تأمين إمدادات الكهرباء من دون الحاجة إلى استثمارات مكلّفة لتطوير البنى التحتية وشبكات التوزيع، كما تتوافر فيها الطاقة الحراريّة الجوفيّة الكافية لتأمين إمدادات جيدة من الكهرباء. إن الاهتمام الذي توليه "إيرينا" لنشر حلول الطاقة المتجدّدة في دول القارة الإفريقية، ومساعدتها على تطوير استراتيجيتها في هذا الخصوص، يتماشى مع التوجّه العام لدولة الإمارات وقيادتها الرشيدة إلى مساعدة الدول النامية على امتلاك القدرات اللازمة لدخول عصر الطاقة المتجدّدة والنظيفة، من خلال "صندوق أبوظبي للتنمية" الذي يخصص 350 مليون دولار للمساعدة على تسريع نشر حلول الطاقة النظيفة وتقنياتها في هذه الدول. إن الدور القياديّ الذي تضطلع به دولة الإمارات في نشر حلول الطاقة المتجدّدة في دول العالم أجمع، يستند بالأساس إلى مقوّمات رئيسية عدّة، أولها، أن الإمارات تتبنّى نهجاً شاملاً ومتكاملاً لبناء قطاع طاقة متجدّدة ونظيفة قائم على المعرفة، من خلال مبادرات عدّة كمبادرة "مدينة مصدر" التي ستكون أول مدينة في العالم خالية من الانبعاثات الكربونيّة والنفايات، وإقامة أكبر محطة لطاقة الرياح على مستوى الشرق الأوسط في جزيرة "صير بني ياس"، كما تهتم بالطاقة الشمسيّة. وفي الوقت نفسه أصبح الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجدّدة والنظيفة يحتلّ مرتبة متقدمة من بين مجالات الاستثمار في الاقتصاد الوطني. ثانيها، الدعم الكبير الذي تقدمه الإمارات لـ"الوكالة الدولية للطاقة المتجدّدة" (إيرينا)، وتوفير الإمكانات والقدرات البشرية والمادية والفنية اللازمة لإنجاحها، ودعم استراتيجيتها وأهدافها وخططها المستقبليّة، لكي تصبح مركزاً دولياً في مجال الطاقة المتجدّدة والأبحاث المرتبطة بها. وهذا لا شك أن من شأنه منح المنظمة فعاليّة ملموسة في وضع الطاقة المتجددة في موقع متقدّم على خريطة مصادر الطاقة في العالم. ثالثها، قدرات الإمارات التنظيمية الكبيرة في استضافة الفعاليات الكبرى المعنيّة بمناقشة قضايا الطاقة المتجددة، واستخداماتها على نطاق واسع، ومن أبرز هذه الفعاليات "القمة العالميّة لطاقة المستقبل" التي تستضيفها الإمارات منذ بدايتها في عام 2008، وتناقش من خلالها العديد من القضايا الملحّة في مجال الطاقة كتغيّر المناخ، واستخدام مصادر الطاقة البديلة، وغيرهما، وهذا لا شك أنه ينطوي على أهمية كبيرة تتمثل في توفير فرصة للتواصل بين الأفراد والمؤسسات العاملة في مجال الطاقة المتجدّدة، وتعزيز الشراكات الدولية في هذا المجال الحيوي. لهذا كله، أصبحت دولة الإمارات مركزاً إقليمياً ودولياً مهماً في مجال الطاقة المتجدّدة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية