أعادت تهديدات الزعيم الليبي معمر القذافي في بداية هذا الأسبوع بإرسال انتحاريين إلى أوروبا، للقيام بعمليات انتحارية الجهود المبذولة لتعديل صورة الإسلام والمسلمين إلى المربع الأول. فقد عانى المسلمون من خطاب كهذا يحمل سمات متطرفة، ووصلت المعاناة إلى أن البعض في الغرب طالب بعدم تصديق من يطرح خطاباً "ناعماً" عن الإسلام بسبب سياسة التشويه التي يمارسها البعض. الطريقة "الكيميكازية" التي يهدد بها الزعيم الليبي استنفدت ما بقي لدينا من التأييد لدى البعض، لأنه خطاب مرفوض على مستوى العالم. ذهنية الرأي العالم العالمي معكرة بالأفعال قبل الأقوال من متطرفين ينتسبون للإسلام. والغريب أن القذافي نفسه كان أحد الذين يفترض أن لهم دوراً إيجابياً في محاربة متطرفي "القاعدة" وفي النهوض بالإسلام في أوروبا. ومنذ 11 سبتمبر والربط بين المتطرفين والإسلام قائم ولم يكد يتخلص المسلمون من مرحلة بن لادن والتي يعتبرونها سوداوية في تاريخ الإسلام، حتى خرج لنا القذافي بتصريحات تضعه في قائمة الذين يسيئون للإسلام. نحتاج إلى وقت آخر كي نعدل الصورة. فنسبة العداء للإسلام في الغرب مازالت مرتفعة، حيث ينظرون إليه على أنه دين يشجع على العنف ضد غير المسلمين. والقذافي لم يشأ إلا أن يعيد إحياء هذا الاعتقاد في أذهان الرأي العام الغربي تجاه المسلمين. والأخطر في تصريحاته أنها ترفع تلك النسبة. بل إن الخوف هو من أن تؤدي إلى ارتفاع شعبية المجموعة التي تقود العداء ضد الإسلام في الغرب، فيزداد حجم خسارتنا في محاولات تحسين الصورة. سمعنا الكثير عن المطالب التي تدعو إلى إخلاء أوربا من المسلمين والعمل على منعهم من ممارسة طقوسهم الدينية والحياتية، بل إن مثل هذه الأفكار تلقى رواجاً. نبرة الاستعداء من قبل بعض المسلمين ساهمت في الإساءة للمسلمين في الإعلام الغربي. ومع أن هناك محاولات لإزالة ما علق بالذهنية الغربية عن الإسلام، فإن استمرار فئة من المسلمين في استخدام خطاب متطرف يعيدنا إلى المربع الأول. يصعب تجاوز تصريحات القذافي، مع اعترافنا بأنه ليس هو أصل التطرف المحفور في العقلية الغربية عن الإسلام. لكن هذا لا يلغي أبداً أن تصريحاته وتاريخه مع الغرب في تمويل عمليات تفجيرية، ستحدث أثرها في تسميم علاقات الغرب بالمسلمين، وعندها نعود إلى أجواء فترة الحادي عشر من سبتمبر، وستترسخ مجدداً لدى الرأي العام العالمي مفاهيم خاطئة عن الإسلام. لذلك فالإسلام أمام مشكلة حقيقية عندما يتحدث البعض باسمه بهدف خلق أزمة من أجل مصلحة شخصية، ما يعني الحاجة إلى وضع حد لهؤلاء الذين كثرت تصريحاتهم وتصرفاتهم المسيئة لأكثر من مليار مسلم. ليست بعيدة عن أذهاننا قصص معاناة المسلمين في العالم والتخوف من كل ما يمثلونه: حملة ضد المآذن، ورسوم كاريكاتورية مسيئة. مصطلح "الإسلاموفوبيا" يشير إلى الهلع من "عنف" الدين الإسلامي، رغم أن تاريخه يؤكد أنه دين تسامح وتقبل للآخر. الأمر بحاجة إلى وضع حد لمثل هذه الفئة غير المسؤولة والتي تتحدث بشكل متكرر بخطاب يسيء للإسلام. القذافي مشتاق إلى "العودة" لممارسة هواياته القديمة في تفجير المعابد والطائرات قبل أن يغادر السلطة دون أن يترحم عليه أحد. ما يتمناه المسلمون أن تسلم صورة دينهم من الذين يصرون على الإساءة إليها، دون مناسبة ودون ثمن سوى مغامراتهم الشخصية.