سياسة إلغاء "المحاصصة" تنتظر "لاجارد"... ومعادلة سياسية جديدة في تايلاند ---------- فضيحة صحيفة "نيوز أوف ذا وورلد" في بريطانيا، وتعيين كريستين لاجارد مديرة لصندوق النقد الدولي، ونجاح ينجلاك شيناواترا في الانتخابات العامة في تايلاند، والذكرى العشرون لتأسيس الشراكة بين الصين وآسيان... موضوعات أربعة استأثرت باهتمام الصحافة الدولية. ---------- فضيحة صحفية صحيفة "إيل باييس" الإسبانية علقت ضمن افتتاحية عددها ليوم الخميس على ما بات يعرف في بريطانيا بفضيحة صحيفة "نيوز أو ذا وورلد" الأسبوعية التي تبين أنها كانت تتجسس على الاتصالات الهاتفية لعدد من البريطانيين سعياً وراء السبق الصحفي، وقرار الإغلاق الدراماتيكي الذي اتخذه مالكها روبرت مردوخ بعد انكشاف الفضيحة، منهيّاً بذلك مسيرة واحدة من أقدم الصحف البريطانية. وفي هذا السياق، قالت الصحيفة الإسبانية إن الكشف عن تنصت "نيوز أو ذا وورلد" على رسائل البريد الصوتي التي تُترك على الهاتف النقال لطفلة مختطَفة، تحول مقتلها إلى قصة وطنية في 2002، أدى إلى جدل عام ساخن وغير مألوف حول الممارسات التي يستعملها قطاع معين من صحافة الإثارة في بريطانيا، والتي يتحكم في جزء كبير منها روبرت مردوخ. وحسب الصحيفة، فإن "نيوز أوف ذا وورلد"، التي كانت تطبع 3 ملايين نسخة تقريباً، جسدت على مدى سنوات -وإن لم تكن الوحيدة في ذلك- نموذجاً للكتابة الصحفية يشمل التنصت على اتصالات خاصة لمجموعة واسعة من الناس، بما في ذلك أعضاء في العائلة الملكية، سعياً وراء التفرد والسبق الصحفي. وحتى عهد قريب، تتابع الصحيفة، كان مديرون في مؤسسة "نيوز إنترناشيونال" المملوكة لمردوخ يشددون على أن هذه الطرق لا تمثل سوى حالات معزولة لممارسات خاطئة وغير مهنية يقوم بها بعض الصحافيين غير الملتزمين بالمبادئ الصحفية؛ والحال أن الارتفاع في أعداد ضحايا التجسس يُظهر بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الوسائل كانت تنتهج على نطاق واسع. تحديات أمام "لاجارد" نشرت صحيفة "جابان تايمز" اليابانية افتتاحية يوم السبت أفردتها للتعليق على تعيين كريستين لاجارد، وزيرة المالية الفرنسية، الأسبوع الماضي، على رأس صندوق النقد الدولي خلفاً لـ"دومينيك ستروس كان"، الذي تنحى عن منصبه وسط ادعاءات ضده في قضية اعتداء جنسي، معتبرة أن اختيار لاجارد، وهي أول امرأة ترأس الصندوق، يمثل "فوزاً لأنصار التغيير في صندوق النقد الدولي". ولكنها ترى أن "التغيير الحقيقي" يقتضي وضع حد للعادة المتمثلة في إسناد المناصب إلى الأشخاص على أساس انتمائهم إلى مناطق جغرافية معينة، وأن يصبح المعيار الأهم هو الجدارة والكفاءة بغض النظر عن جواز سفر الشخص. والتلميح هنا هو إلى عادة دأبت عليها القوى الغربية الكبرى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتتمثل في إسناد رئاسة صندوق النقد الدولي إلى أوروبي، في حين يتولى أميركي رئاسة البنك الدولي. وتقول الصحيفة إن القوة المتزايدة للاقتصادات الصاعدة مثل الصين والبرازيل والهند تفرض إعادة النظر في هذه العادات، معتبرة أنه إذا كانت حقوق التصويت في الصندوق قد بدأت تتغير حتى تعكس التوازن المالي العالمي الجديد، فإن التقدم في هذا الاتجاه بطيء، على كل حال. كما ترى أنه سيتعين على "لاجارد" أن تشرف على تغيير حقيقي في صندوق النقد الدولي، وأن تبدأ بالتزام قوي بتعيين المسؤولين على أساس الكفاءة، علماً بأن أمامها خمس سنوات للتحضير لتولي شخصية من خارج أوروبا رئاسة الصندوق بعد انتهاء ولايتها. كما ترى الصحيفة أن "لاجارد" تستطيع تخفيف تلك الضربة عبر إقصاء تعيينات أخرى بالصندوق تقوم على اعتبارات أخرى غير الكفاءة والجدارة. وفي هذا السياق، أشارت الصحيفة، على سبيل المثال، إلى أن النائب الأول لمدير الصندوق يكون أميركيّاً عادة، حسب هذا التقليد، وأن شاغل هذا المنصب أعلن اعتزامه مغادرة الصندوق قبل بضعة أيام على توقيف "ستراوس كان"، داعية إلى اغتنام هذه المناسبة لوضع حد لتقليد المحاصصة القارية. فرصة لاستقرار تايلاند صحيفة "ذا أستراليان" الأسترالية علقت ضمن افتتاحية لها على الفوز الكاسح الذي حققته ينجلاك شيناواترا، زعيمة حزب "بو تاي، في الانتخابات العامة التايلاندية، معتبرة أن التحدي الكبير الذي يواجهها هو نظرة البعض إليها على أنها ليست سوى غطاء لشقيقها، رئيس الوزراء السابق المثير للانقسامات تكسين شيناواترا. وتقول الصحيفة إن "تاكسين" هو المسؤول عن تفشي تصورات ترى بأن ينجلاك ليست سوى دمية يحركها شقيقها من منفاه، وهي تصورات ساهمت في تعزيزها شعارات رُفعت في حملة الحزب الانتخابية من قبيل "تاكسين يفكر وبو تاي يعمل". واعتبرت أن مسألة ما ستفعله "ينجلاك" حيال شقيقها مهم وأساسي لمستقبلها السياسي في بلد معروف بالانقلابات العسكرية (حوالي 12 انقلاباً في الثمانين سنة الأخيرة منذ أن أصبحت ملكية دستورية)، وما زال منقسماً على نفسه عقب الانقلاب على "تاكسين" في 2006. وتقول الصحيفة إن على "ينجلاك" أن تتصرف بحذر كبير لأنه على رغم أن نجاحها جاء نتيجة الدعم الكبير لحزب "بو تاي" من قبل فقراء المدن والأرياف الذين لطالما عانوا من التهميش والإقصاء -أصحاب القمصان الحمراء الذين يعتبرون تاكسين بطلاً- إلا أن مؤسسة الجيش القوية ما زالت تناصبه العداء. غير أنها ترى أن ما يبعث على التفاؤل هو أن الجيش تعهد بألا يتورط في عملية ما بعد الانتخابات، مشددة على ضرورة ألا تضيع "ينجلاك" وقتاً لتحقيق مصالحة حقيقية مع الجنرالات تضمن التزامهم بذلك التعهد. وفي ختام افتتاحيتها، قالت الصحيفة إن "ينجلاك" أظهرت خلال الانتخابات أنها منافسة قوية وذكية خلال الحملة الانتخابية وعملت بجد لتقنع الناخبين بأن يدعموها، مشددة على ضرورة أن تشغل منصبها على هذا الأساس، وأن تبدأ العمل على مجابهة تحديات عاجلة مثل تداعيات عدم الاستقرار، والمصالحة الوطنية، والركود الاقتصادي. الصين و"آسيان" صحيفة "تشاينا ديلي" الصينية خصصت افتتاحية للتعليق على مرور الذكرى العشرين للشراكة بين الصين ورابطة دول جنوب شرق آسيا التي تعرف اختصارا بـ"آسيان". وبهذه المناسبة، ذكرت الصحيفة بظروف ولادة هذه الشراكة، التي قامت على جهود صينية تروم نسج علاقات جوار جيدة مع جيرانها الآسيويين، والتصور الإقليمي بأن تنمية الصين إنما تمثل فرصة للجميع وليست تهديداً لأحد. وبعد عشرين عاماً على ذلك، تقول الصحيفة إن العلاقة ازدهرت وتطورت إلى تعاون مفيد لكلا الجانبين. فالصين باتت اليوم أكبر شريك تجاري لآسيان، في حين تمثل آسيان ثالث أكبر شريك تجاري للصين. وأشارت في هذا السياق إلى أن حجم التجارة الثنائية قفز من أقل من 8 مليارات دولار في 1991 إلى 300 مليار دولار حاليّاً، مضيفة أن رئيس الوزراء الصيني تعهد برفع هذا الرقم إلى 500 مليار دولار بحلول 2015. وتقول الصحيفة إن الصين هي بمثابة قوة محركة وداعم قوي للتنمية والرخاء والاندماج الإقليمي، مشيرة في هذا السياق إلى أنها هي من دفع في اتجاه تأسيس منطقة التجارة الحرة بين الصين وآسيان في 2010 كما أطلقت صندوقاً خاصّاً بقيمة 10 مليارات دولار في العام نفسه لتسهيل التعاون الإقليمي. وعلى رغم أن المنطقة حافظت على السلام والاستقرار خلال السنوات الماضية، تتابع الصحيفة، إلا أن مناوشات ثنائية بسبب مشاكل مثل بحر الصين الجنوبي، واختلالات في التنمية، ونقص ثقة متبادلة قوية... تمثل تحديات مستمرة للحكمة السياسية لزعماء الصين وآسيان. وختمت بالقول إن قدرة الصين وآسيان على أخذ شراكتهما الاستراتيجية إلى آفاق أرحب إنما يتوقف على مدى مهارتهما في التعاطي مع خلافاتهما ونزاعاتهما. إعداد: محمد وقيف