في إطار الاستعدادات لانتخابات "المجلس الوطني الاتحادي" المقبلة المقرر إجراؤها في شهر سبتمبر المقبل، أعلنت "اللجنة الوطنية للانتخابات"، أول من أمس، اعتماد قوائم الهيئات الانتخابية، التي ضمّت 129 ألفاً و274 عضواً يمثّلون الهيئات الانتخابية لإمارات الدولة كلها، الأمر الذي يشير إلى اكتمال عملية التحضير للانتخابات المقبلة، ووضع الإجراءات التنظيمية كافة، وتحديد الأطُر الزمنية لإجرائها. انتخابات "المجلس الوطني الاتحادي" عام 2011 ستشكّل نقلة نوعية في مسيرة التجربة البرلمانية في الدولة، وذلك للعديد من الاعتبارات المهمة: أولها، أنها ستشهد مشاركة سياسية أوسع من جانب المواطنين، ففي الانتخابات الأولى، التي أجريت عام 2006، كان عدد المواطنين الذين يحقّ لهم الاقتراع أو الترشح هو 6686 مواطناً ومواطنة، منهم 1189 من الإناث، أما في الانتخابات الحالية فإن العدد، وفقاً للقوائم الانتخابية المعلنة، سيتجاوز 129 ألفاً، وهذا في حدّ ذاته يعدّ تطوّراً مهمّاً لأنه سيضمن اختيار ممثّلي الإمارات في "المجلس الوطني الاتحادي" بصورة تضمن تمثيل شعب الاتحاد جميعه، وبما يحقّق المصلحة العامة، خاصة أن النهج الذي اتبعته الدولة يعزّز الوعي السياسي لدى المواطنين بمختلف شرائحهم الاجتماعية ويحفّزهم على اختيار ممثّليهم على أسس موضوعية سليمة، وهذا الأمر، لاشك، سيكون له أثره البالغ في تطوير أداء المجلس في المرحلة المقبلة، لأن اختيار أعضاء يمثّلون الشعب ويعبّرون عن مطالبه واحتياجاته يعتبر الركيزة الأساسية في ضمان قيام المجلس بأدواره الرقابية والتشريعية على النحو الذي يحقّق تطلعات المواطنين وطموحاتهم. ثانيها، أن الإجراءات التنظيمية والإدارية التي تم اتخاذها لإجراء الانتخابات المقبلة، سواء من خلال تجهيز الاحتياجات الفنية والبشرية كافة، أو من خلال تطبيق أحدث التقنيات المتوافرة لإتمام العملية الانتخابية كتطبيق نظام التصويت الإلكتروني، تعكس بوضوح حرص قيادتنا الرشيدة على إنجاح هذه التجربة باعتبارها علامة بارزة في مسيرة التحديث والتطوير السياسي الذي تشهده الدولة في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- ولا تنفصل في الوقت ذاته عن "مرحلة التمكين" التي أطلقها سموه في مختلف المجالات، من أجل هدف واحد هو خدمة المواطن الإماراتي، وتنميته، ورفع مستواه ومعيشته على الصعيد الداخلي، فلاشك في أن تطوير أداء "المجلس الاتحادي" يشكّل أحد الجوانب المهمة في "مرحلة التمكين"، على أساس أن ذلك يعبّر عن التحديث السياسي الذي يتواكب مع مختلف مظاهر التطور الأخرى التي تشهدها الإمارات في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ثالثها، أن انتخابات "المجلس الوطني الاتحادي" المقبلة، وبما تتضمّنه من آليات وضوابط مختلفة، ستفرز برلماناً قويّاً قادراً على ترجمة رؤية قيادتنا الرشيدة، التي تحرص باستمرار على تفعيل دور المجلس ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للمؤسسة التنفيذية، وأكثر قدرة وفاعلية والتصاقاً بقضايا الوطن وهموم المواطنين، وقد عبّر صاحب السمو رئيس الدولة -حفظه الله- بوضوح عن هذا الإيمان بأهمية "المجلس الوطني" والدور الذي يقوم به في كلمته التي وجّهها إليه بمناسبة ختام فصله التشريعي الرابع عشر، حيث أكد سموه أن مسيرة المشاركة والعمل البرلماني ستستمر بثقة في النمو والتطور بما يلبّي الاحتياجات الوطنية ويحقّق آمال شعب الإمارات وطموحاته في المشاركة والأمن والاستقرار ويحافظ على مصالح الوطن في مستوياتها ودوائرها كافة.