من الأسباب التي أدت إلى ازدياد أعداد الخريجين المواطنين من الجنسين غير الحاصلين على وظائف في السنوات الماضية عدم وجود سوق عمل في مجالات تخصصاتهم العلمية التي أمضوا سنوات في الجامعات للحصول على شهادة فيها، مما تسبب في وجود خلل ما بين المخرجات التعليمية وحاجات سوق العمل. فخلال السنوات العشر الماضية كان خريجو بعض التخصصات الأدبية أو العلوم الإنسانية أو الإدارية أو التربية ينهون دراستهم الجامعية ويتقدمون للوظيفة في عدة جهات عمل ولكنهم لا يجدون فرصة تناسب مؤهلاتهم وقد يستمرون "عاطلين" لفترة طويلة إن لم يدعموا سيرهم الذاتية بـ"واسطة" تعجل بتعيينهم. لقد أدى غياب التنسيق -الذي كان حاصلاً في السابق بشكل لافت- بين جهات العمل والكليات والجامعات بالإضافة إلى غياب رؤية الطالب في دراسة تخصص مرغوب في سوق العمل إلى تفاقم هذه المشكلة.. في حين كان طلاب بعض التخصصات الهندسية والعلمية والتقنية أوفر حظّاً في الحصول على فرص عمل لوجود مجالات وظيفية عديدة تستقطبهم عند تخرجهم. وفي السنوات الأخيرة، قامت العديد من المؤسسات والشركات والدوائر بتوفير منح دراسية لخريجي الصف الثاني عشر، لدراسة تخصصات معينة مطلوبة في هذه الجهات، حيث تقوم هذه المؤسسات بتحديد مسار تعليمي للطالب بنظام مكافأة شهرية، ويتعين على الطالب الحاصل على المنحة الدراسية إكمال التخصص الأكاديمي المحدد له، فيما تضمن هذه الجهة توفير الوظيفة للطالب فور حصوله على الشهادة العلمية. نرى هذه الأيام وبعد إنهاء طلاب الثاني عشر دراستهم وإعلان النتائج، قيام العديد من الجهات الحكومية وشبه الحكومية وحتى بعض الجهات الخاصة مثل البنوك وشركات الطيران بنشر إعلانات صحفية عن برامج للمنح الدراسية وفق اشتراطات معينة، وينجز الطالب دراسة تخصصات محددة مطلوبة في جهات العمل تلك وتكون وظيفته جاهزة بمجرد تخرجه من الجامعة. إن بعض الجهات توفر برامجها الأكاديمية أو المهنية الخاصة بها مثل الكليات العسكرية للراغبين في الانخراط في السلك العسكري. كما توجد بعض البرامج الأخرى مثل المعهد البترولي التابع لـ"أدنوك"، ومعهد "مصدر" الذي أنشئ قبل سنتين.. فيما تقوم جهات أخرى بالتنسيق مع الجامعات وتوفر منحاً دراسية وفقاً لبرامج محددة. إن ربط الطالب الجامعي بسوق العمل منذ السنة الأولى في الجامعة، وتحديد مسار تعليمي واضح، من شأنه أن يضمن وظيفة، فيما تمكن مثل هذه البرامج الجهات والمؤسسات من تعزيز برامج التوطين لديها كحد أدنى سنويّاً وفقاً لخطط ثابتة حسب عدد الشواغر المحتملة والميزانية المرصودة للمنح الدراسية. معظم برامج المنح الدراسية إنما هي مبادرات مؤسسية في دوائر محلية، في حين لا تكاد الجهات والوزارات والمؤسسات الاتحادية تقدم أي برامج منح دراسية للطلاب عدا برنامج البعثات الخارجية للتعليم العالي الذي يقدم منحاً دراسية في أي تخصص.. ومثل هذه المنح الدراسية تحتاج لتطبيقها إلى رصد ميزانيات وقرار حكومي وخطة للتنفيذ والمتابعة. أخيراً، ينبغي ألا تقتصر برامج المنح الدراسية على المؤسسات التي تحتاج لكوادر في التخصصات الهندسية والعلمية والتقنية، أو الطبية أو المالية والمصرفية، وإنما ينبغي أيضاً للمؤسسات المعنية بالحقول الفكرية والأدبية توفير منح دراسية في مجالات العلوم الإنسانية والإعلام والترجمة واللغة العربية والشريعة والدراسات الإسلامية والقانون والتاريخ والفنون.