في الأزمنة القديمة كانت الصين عالماً بشرياً ضخماً مكتفياً بذاته ومثيراً للآخرين، بينما كان ينظر الصينيون للآخر باعتباره عالماً مغايراً كل المغايرة، فلا تفارق روح الدهشة والانبهار نظرته للغربيين بصفة خاصة وعالمهم الجديد. أما الغربيون فنظروا للصين من مخيال النظرة الاستشراقية الباحثة عن غرابة الشرق وسحره... فهل عاد شيء من ذلك يوجد اليوم في النظرات المتبادلة بين الجانبين؟ لقد بددت العولمة كثيراً من أسوار العزلة، واخترقت بوسائل إعلامها واتصالاتها الرقمية، وعلى رأسها الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، كل الخصوصيات وشقت بينها مسارب تواصل وتنافذ لم تبق معها هوية صافية بلا أخلاط أو انفعالات. وبما أنه ما عاد الغربيون والصينيون قادرون على إثارة الدهشة لدى بعضهم البعض، فقد بدت هذه الفعالية النرويجية المنظمة في مدينة هونج كونج الصينية، مألوفة للجمهور وغير جديدة عليه البتة. فحتى ألعاب السرك التي غالباً ما كانت تجذب جمهوراً من المتفرجين، ما عادت هي أيضاً قادرة على ذلك، بل بدا كما لو أن الجهد الذي تبذله هذه الفرقة النرويجية على هذا المسرح الصيني، جهداً ضائعاً وبلا أثر.